أحكام القرآن - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٦٠٣
وقال الشافعي الإسلام يعصم مال المسلم وأهله ودمه حيث كانوا والمسألة في نهاية الإشكال ومذهب الشافعي فيها أسلم وعلى هذا عند هؤلاء لم يذكر أنه الدية لأنها لم تجب وعلى المذهب المالكي لم يذكرها الله سبحانه لأنها لم يكن لها مستحق فلو كان لها مستحق لوجبت لأن سبب الوجوب موجود وهو الإسلام وجل أن يكون الله لم يذكر الدية لأن الهجرة كانت على من آمن فرضا ومن أسلم ولم يهاجر فلا إسلام له ولا ولاية فأما مذ سقط فرض الهجرة بعصمة الإسلام فوجب له الدية والكفارة أينما كان المسألة الرابعة عشرة قوله تعالى (* (وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة) *)) والميثاق هو العهد المؤكد الذي قد ارتبط وانتظم ومنه الوثيقة ففيه الدية قال ابن عباس هذا هو الكافر الذي له ولقومه العهد فعلى قاتله الدية لأهله والكفارة لله سبحانه وبه قال جماعة من التابعين والشافعي وقال مالك وابن زيد والحسن المراد به وهو مؤمن واختار الطبري أن يكون المراد به المقتول الكافر من أهل العهد لأن الله سبحانه أهمله ولم يقل وهو مؤمن كما قال في القتيل من المؤمنين ومن أهل الحرب وإطلاقه ما قيد قبل ذلك دليل أنه خلافه وهذا عند علمائنا محمول على ما قبله من وجهين أحدهما أن هذه الجملة نسقت على ما قبلها وربطت بها فوجب أن يكون حكمها حكمه الثاني أن الله سبحانه قال (* (فدية مسلمة) *) وقد اختلف الناس في دية الكافر فمنهم من جعلها كدية المسلم وهو أبو حنيفة وجماعة ومنهم من جعلها على النصف وهو مالك وجماعة ومنهم من جعلها ثلث دية المسلم وهو الشافعي وجماعة والدية المسلمة هي الموفرة
(٦٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 598 599 600 601 602 603 604 605 606 607 608 ... » »»