أحكام القرآن - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٦٠٢
سقط بالإجماع على هذا فأما بقية أحكام الدية فهي كثيرة لا يفي بها إلا كتب المسائل فلا نطول بذكرها فنخرج عن المقصود بها المسألة الثانية عشرة قوله (* (إلا أن يصدقوا) *)) أوجب الله تعالى الدية لأولياء القتيل إلا أن يصدقوا بها على القاتل والاستثناء إذا تعقب جملا عاد إلى جميعها إذا صلح ذلك فيها وإلا عاد إلى ما يصلح له ذلك منها والذي تقدم الكفارة والدية والكفارة حق الله سبحانه ولا تقبل الصدقة من الأولياء لأن الصدقة من المتصدق عليه لا تنفذ إلا فيما يملكه المسألة الثالثة عشرة قوله تعالى (* (فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة) *)) أوجب الله سبحانه الكفارة في قتل المؤمن بين أهل الحرب إذا كان خطأ ولم يذكر الدية وقد اختلف العلماء في ذلك فقال أبو حنيفة لا دية في ذلك وهو مذهب ابن عباس وعكرمة وقتادة وجماعة من التابعين وفيه الكفارة أما وجوب الكفارة فلأنه أتلف نفسا مؤمنة وأما امتناع الدية عندهم فاختلفوا في ذلك فقال بعضهم إنما لم تجب الدية لهم لئلا يستعينوا بها على حرب المسلمين وقال آخرون إنما لم تجب لهم دية لأنه ليس بينهم وبين الله عز وجل عهد ولا ميثاق وأما أبو حنيفة فعول على أن العاصم للعبد في ذمته لا إله إلا الله وأن العاصم له في ماله الدار فإذا أسلم وبقي في دار الحرب فقد اعتصم عصمة قويمة يجب بها على قاتله الكفارة وليس له عصمة مقومة فدمه وماله هدر ولو أنه هاجر إلى أرض الإسلام وترك أهله في دار الحرب فلا حرمة لهم وهذا هو قطعة من مذهب مالك فإن الدار عند مالك العاصمة للأهل والمال وقد مهدنا ذلك في مسائل الخلاف
(٦٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 597 598 599 600 601 602 603 604 605 606 607 ... » »»