وأما قولهم إن ما قلتم يفتقر إلى الإضمار الكثير قلنا إنما يفتقر إليه في تفهيم من لا يفهم مثلك وأما مع من يفهم فالحال تعرب عن نفسها كما أعربت الصحابة وأما قولهم إن هذا يفهم من الآية التي بعدها في قوله تعالى (* (وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا) *) فليس يفهم من هذا إلا جواز التيمم عند عدم الماء فأما أن يكون التيمم لا يرفع الحدث مع إباحة الصلاة فليس يفهم إلا من هذا الموضع قبله وهي فائدة حسنة جدا المسألة الحادية عشرة ثبت عن عطاء بن يسار أنه قال كان رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تصيبهم الجنابة فيتوضأون ويأتون المسجد فيتحدثون فيه وربما اغتر بهذا جاهل فظن أن اللبث للجنب في المسجد جائز وهذا لا حجة فيه فإن كل موضع وضع للعبادة وأكرم عن النجاسة الظاهرة كيف يدخله من لا يرضى لتلك العبادة ولا يصح له أن يتلبس بها فإن قيل يبطل بالحديث فإنه لا يحل فعل الصلاة ويدخل المسجد قلنا ذلك يكثر وقوعه فيشق الوضوء له والشريعة لا حرج فيها بخلاف الغسل فإنه لا مشقة في أن يمنع من المسجد حتى يغتسل لأنها تقع نادرا بالإضافة إلى حدث الوضوء فإن قيل هذا قياس قلنا نعم هو قياس ونحن إنما نتكلم مع أصحاب محمد الذين يرونه دليلا فإن وجدنا مبتدعا ينكره أخذنا معه غير هذا المسلك كما قد رأيتمونا مرارا نفعله
(٥٥٧)