فأما من قال إن المخاطب الزوجان فلا يفهم كتاب الله كما قدمنا وأم من قال إنه السلطان فهو الحق وأما قول مالك إنه قد يكون الوليين فصحيح ويفيده لفظ الجمع فيفعله السلطان تارة ويفعله الوصي أخرى وإذا أنفذ الوصيان حكمين فهما نائبان عنهما فما أنفذاه نفذ كما لو أنفذه الوصيان وقد روى محمد بن سيرين وأيوب عن عبيدة عن علي قال جاء إليه رجل وامرأة ومعهما فئام من الناس فأمرهم فبعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ثم قال للحكمين أتدريان ما عليكما إن رأيتما أن تجمعا جمعتما وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما فقالت المرأة رضيت بما في كتاب الله لي وعلي وقال الزوج أما الفرقة فلا فقال لا تنقلب حتى تقر بمثل الذي أقرت قال القاضي أبو إسحاق فبني على أن الأمر إلى الحكمين اللذين بعثا من غير أن يكون للزوج والزوجة أمر في ذلك ولا نهي فقالت المرأة بعد ما مضيا من عند علي رضيت بما في كتاب الله تعالى لي وعلي وقال الزوج لا أرضى فرد عليه علي تركه الرضا بما في كتاب الله وأمره أن يرجع كما يجب على كل مسلم أو ينفذ ما فيه بما يجب من الأدب فلو كانا وكيلين لم يقل لهما أتدريان ما عليكما إنما كان يقول أتدريان بما وكلتما ويسأل الزوجين ما قالا لهما المسألة الثانية قوله تعالى (* (حكما من أهله وحكما من أهلها) *)) هذا نص من الله سبحانه في أنهما قاضيان لا وكيلان وللوكيل اسم في الشريعة ومعنى وللحكم اسم في الشريعة ومعنى فإذا بين الله سبحانه كل واحد منهما فلا ينبغي لشاد فكيف لعالم أن يركب معنى أحدهما على الآخر فذلك تلبيس وإفساد للأحكام وإنما يسيران بإذن الله ويخلصان النية لوجه الله وينظران فيما عند الزوجين بالتثبت فإن رأيا للجمع وجها جمعا وإن وجداهما قد أنابا تركاهما كما روي أن عقيل بن أبي طالب تزوج فاطمة بنت عتبة بن ربيعة فقالت اصبر لي
(٥٣٩)