الآية السابعة والعشرون قوله تعالى (* (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما) *) [الآية 35] وفيها خمس عشرة مسألة وهي من الآيات الأصول في الشريعة ولم نجد لها في بلادنا أثرا بل ليتهم يرسلون إلى الأمينة فلا بكتاب الله تعالى ائتمروا ولا بالأقيسة اجتزوا وقد ندبت إلى ذلك فما أجابني إلى بعث الحكمين عند الشقاق إلا قاض واحد ولا إلى القضاء باليمين مع الشاهد إلا قاض آخر فلما ولاني الله الأمر أجريت السنة كما ينبغي وأرسلت الحكمين وقمت في مسائل الشريعة كما علمني الله سبحانه من الحكمة والأدب لأهل بلدنا لما غمرهم من الجهالة ولكن أعجب لأبي حنيفة ليس للحكمين عنده خبر وهو كثيرا ما يترك الظواهر والنصوص للأقيسة بل أعجب أيضا من الشافعي فإنه قال ما نصه الذي يشبه ظاهر الآية أنه فيما عم الزوجين معا حتى يشتبه فيه حالاهما وذلك أني وجدت الله سبحانه أذن في نشوز الزوج بأن يصالحا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك وبين في نشوز المرأة بالضرب وأذن في خوفهما ألا يقيما حدود الله بالخلع وذلك يشبه أن يكون برضاء المرأة وحظر أن يأخذ الرجل مما أعطى شيئا إن أراد استبدال زوج مكان زوج فلما أمر فيمن خفنا الشقاق بينهما بالحكمين دل ذلك على أن حكمهما غير حكم الأزواج فلما كان كذلك بعث حكما من أهله وحكما من أهلها ولا يبعث الحكمين إلا مأمونين برضا الزوجين وتوكيلهما للحكمين بأن يجمعا أو يفرقا إذا رأيا ذلك ووجدنا حديثا بإسناد يدل على أن الحكمين وكيلان للزوجين قال القاضي أبو بكر هذا منتهى كلام الشافعي وأصحابه يفرحون به وليس فيه ما يلتفت إليه ولا يشبه نصابه في العلم وقد تولى القاضي أبو إسحاق الرد عليه ولم ينصفه في الأكثر والذي يقتضي الرد عليه بالإنصاف والتحقيق أن نقول أما قوله الذي يشبه ظاهر
(٥٣٧)