أحكام القرآن - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ١٩٨
المسألة الثانية في تحديد هذه الأيام وتعيينها وهي مسألة غريبة قال علماؤنا أيام الرمي معدودات وأيام النحر معلومات فاليوم الأول معلوم غير معدود واليومان بعد يوم النحر معلومان معدودان واليوم الرابع معدود غير معلوم والذي أصارهم إلى ذلك أنهم قالوا المراد بقوله تعالى (* (واذكروا الله في أيام معدودات) *) بعد قوله تعالى (* (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) *) أنها أيام منى وأن المراد بالذكر التكبير عند الرمي فيها واعلموا أن أيام منى ثلاثة روى الترمذي والنسائي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك أيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه فلما قال الله تعالى (* (فإذا أفضتم من عرفات) *) وذلك بعد غروب الشمس من يوم عرفة فاذكروا الله عند المشعر الحرام وذلك الغد من يوم النحر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حسبما تقدم ثم أفيضوا يعني إلى منى على التقدير المتقدم في المسألة الثانية من الآية قبل هذه الآية فصار ذلك اليوم أوله للمشعر الحرام وأخره لمنى فلما لم يختص بمنى لم يعد فيها وصارت أيام منى ثلاثة سوى يوم النحر لأنه أقل الجمع في الأظهر عند الإطلاق حسبما بيناه في كتب الأصول وبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بالعمل الذي يرفع الإشكال قال حينئذ علماؤنا اليوم الأول غير معدود لأنه ليس من الأيام التي تختص بمنى في قوله تعالى (* (واذكروا الله في أيام معدودات) *) ولا من التي عنى النبي صلى الله عليه وسلم بقوله أيام منى ثلاثة وكان معلوما لأن الله تعالى قال (* (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) *) [الحج 28] ولا خلاف أن المراد به النحر وكان النحر في اليوم الأول وهو يوم الأضحى والثاني والثالث ولم يكن في الرابع نحر فكان الرابع غير مراد في قوله تعالى (* (معلومات) *) لأنه لا ينحر فيه وقد بينا ذلك في موضعه وكان مما يرمى فيه فصار معدودا في ذلك لأجل الرمي غير معلوم لعدم النحر فيه
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»