تفسير النسفي - النسفي - ج ٣ - الصفحة ١٠٤
الحج (35 - 32)) يكون هذا تشبيها مركبا ويجوز أن يكون مفرقا فإن كان تشبيها مركبا فكأنه قال من أشرك بالله فقد أهلك نفسه أهلا كاليس بعده بأن صور حاله بصورة حال من خر من السماء فاختطفته الطير فتفرق قطعا في حواصلها أو عصفت به الريح حتى هوت به في بعض المهالك البعيدة وان كان مفرقا فقد شبه الإيمان في علوه بالسماء والذي أشرك بالله بالساقط من السماء والأهواء المردية بالطير المختلفة والشيطان الذي هو يوقعه في الضلال بالريح التي تهوى بما عصفت به في بعض المهاوي المتلفة * (ذلك) * أي الأمر ذلك * (ومن يعظم شعائر الله) * تعظيم الشعائر وهى الهدايا لأنها من معالم الحج ان يختارها عظام الاجرام حسانا سمانا غالية الأثمان * (فإنها من تقوى القلوب) * أي فان تعظيمها من أفعال ذوى تقوى القلوب فحذفت هذه المضافات وإنما ذكرت القلوب لأنها مراكز التقوى * (لكم فيها منافع) * من الركوب عند الحاجة وشرب البانها عند الضرورة * (إلى أجل مسمى) * إلى أن تنحر * (ثم محلها) * أي وقت وجوب نحرها منتهيه * (إلى البيت العتيق) * والمراد نحرها في الحرم الذي هو في حكم البيت إذا لحرم حريم البيت ومثله في الاتساع قولك بلغت البلد العتيق يأباه * (ولكل أمة) * جماعة مؤمنة قبلكم * (جعلنا منسكا) * حيث كان بكسر السين بمعنى الموضع على وحمزة أي موضع قربان وغيرهما بالفتح على المصدر أي إراقة الدماء وذبح القرابين * (ليذكروا اسم الله) * دون غيره * (ما رزقهم من بهيمة الأنعام) * أي عند نحرها وذبحها * (فإلهكم إله واحد) * أي اذكروا على الذبح اسم الله وحده فإن الهكم إله واحد وفيه دليل على أن ذكر اسم الله شرط الذبح يعنى أن الله تعالى شرع لكل أمة أن ينسكوا له أي يذبحوا له على وجه التقرب وجعل القلة في ذلك أن يذكر اسمه تقدمت أسماؤه على النسائك وقوله * (فله أسلموا) * أي أخلصوا له الذكر خاصة واجعلوه له سالما أي خالصا لا تشوبوه باشراك * (وبشر المخبتين) * المطمئنين بذكر الله أوالمتواضعين الخاشعين من الخبث وهو المطمئن من الأرض وعن ابن عباس رضي الله عنهما الذي لا يظلمون وإذا ظلموا لم ينتصروا وقيل تفسيره ما بعده أي * (الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم) * خافت منه هيبة * (والصابرين على ما أصابهم) * من المحن والمصائب * (والمقيمي الصلاة) * في أوقاتها * (ومما رزقناهم ينفقون) * يتصدقون * (والبدن) * جمع بدنة سميت لعظم بدنها وفى الشريعة يتناول الإبل والبقر وقرئ برفعها وهو كقوله والقمر قدرناه
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»