الحج (29 - 28)) * (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) * إذا دخل البادية لا يتكل فيها الا على عتاده ولا يأكل الا من زاده فكذا المرء إذا خرج من شاطئ الحياة وركب بحر الوفاة لا ينفع وحدته الا ما سعى في معاشه لمعاده ولا يؤنس وحشته الا ما كان يأنس به من أوراده وغسل من يحرم وتأهبه ولبسه غير المخيط وتطيبه مرآة لما سيأتي عليه من وضعه على سريره لغسله وتجهيزه مطيبا بالحنوط ملففا في كفن غير مخيط ثم المحرم يكون أشعث حيران فكذا يوم الحشر يخرج من القبر لهفان ووقوف الحجيج بعرفات آملين رغبا ورهبا سائلين خوفا وطمعا وهم من بين مقبول ومخذول كموقف العرصات لا تكلم نفس إلا باذنه فمنهم شقى وسعيد والإفاضة إلى المزدلفة بالمساء هو السوق لفصل القضاء ومنى هو موقف المنى للمذنبين إلى شفاعة الشافعين وحلق الرأس والتنظيف كالخروج من السيئات بالرحمة والتخفيف والبيت الحرم الذي من دخله كان آمنا من الايذاء والقتال أنموذج لدار السلام التي هي من نزلها بقي سالما من الفناء والزوال غير أن الجنة حفت بمكارة النفس العادية كما أن الكعبة حفت بمتالف البادية فمرحبا بمن جاوز مهالك البوادي شوقا إلى اللقاء يوم التنادى * (ويذكروا اسم الله) * عند الذبح * (في أيام معلومات) * هي عشر ذي الحجة عند أبي حنيفة رحمه الله وآخرها يوم النحر وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما وأكثر المفسرين رحمهم الله وعند صاحبيه هي أيام النحر وهو قول ابن عمر رضي الله عنهما * (على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) * أي على ذبحه وهو يؤيد قولهما والبهيمة في كل ذات أربع في البر والبحر فبيتت بالأنعام وهى الإبل والبقر والضأن والمعز * (فكلوا منها) * من لحومها والأمر للإباحة ويجوز الأكل من هدى التطوع والمتعة والقران لأنه دم نسك فاشبه الأضحية ولا يجوز الأكل من بقية الهدايا * (وأطعموا البائس) * الذي أصابه بؤس أي شدة الفقير الذي أضعفه الاعسار * (ثم ليقضوا تفثهم) * ثم ليزيلوا عنهم أدرانهم كذا قاله نفطويه قيل قضاء التفث قص الشارب والأظافر ونتف الإبط والاستحداد والتفث الوسخ والمراد قضاء إزالة التفث وقال ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما قضاء التفث مناسك الحج كلها * (وليوفوا نذورهم) * مواجب حجهم والعرب تقول لكل من خرج عما وجب عليه وفى بنذره وان لم ينذر أو ما ينذرونه من أعمال البر في حجهم وليوفوا بسكون اللام والتشديد أبو بكر * (وليطوفوا) * طواف الزيارة الذي هو ركن الحج ويقع به تمام التحلل اللامات الثلاث ساكنة عند غير ابن عياش وأبى عمرو * (بالبيت العتيق) * القديم لأنه أول بيت يوضع للناس بناه آدم ثم جدده إبراهيم أو الكريم ومنه عتاق الخيل لكرائمها وعتاق الرقيق لخروجه من ذل العبودية إلى كرم الحرية أو لأنه أعتق من الغرق لأنه رفع زمن الطوفان أو من أيدي الجبابرة كم من جبار سار اليه ليهدمه فمنعه الله أو من أيدي الملاك فلم يملك قط وهو مطاف أهل الغبراء كما أن العرش مطاف أهل السماء فان الطالب إذا هاجته
(١٠٢)