تفسير النسفي - النسفي - ج ٢ - الصفحة ١٨٧
يوسف (31 _ 33)) * (وقطعن أيديهن) * وجرحنها كما تقول كنت أقطع اللحم فقطعت يدي تريد جرحتها أي أردن أن يقطعن الطعام الذي في أيديهن فدهشن لما رأينه فخدشن أيديهن * (وقلن حاش لله) * حاشا كلمة تفيد معنى التنزيه في باب الاستثناء تقول أساء القوم حاشا زيد وهى حرف من حروف الجر فوضعت موضع التنزيه والبراءة فمعنى حشا الله براءة الله وتنزيه الله وقراءة أبى عمرو وحاشا لله نحو قولك سقيا لك كأنه قال برءا ثم قال لله لبيان من يبرأ وينزه وغيره حاش لله بحذف الألف الأخيرة والمعنى تنزيه الله من صفات العجز والتعجب من قدرته على خلق جميل مثله * (ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم) * نفين عنه البشرية لغرابة جماله واثتبن له الملكية وبتتن بها الحكم لما ركز في الطباع أن لا أحسن من الملك كما ركز فيها أن لا أقبح من الشيطان * (قالت فذلكن الذي لمتنني فيه) * تقول هو ذلك العبد الكنعانى الذي صورتن في أنفسكهن ثم لمتنني فيه تعنى انكن لم تصورنه حق صورته والا لعذرتنى في الافتنان به * (ولقد راودته عن نفسه فاستعصم) * والإستعصام بناء مبالغة يدل على الامتناع البليغ والتحفظ الشديد كأنه في عصمة وهو يجتهد في الاستزادة منها وهذا بيان جلي على أن يوسف عليه السلام بريء مما فسر به أولئك الفريق الهم والبرهان ثم قلن له أطع مولاتك فقالت راعيل * (ولئن لم يفعل ما آمره) * الضمير راجع إلى ما وهي موصولة والمعنى ما آمر به فحذف االجار كما في قوله أمرتك الخير أو ما مصدرية والضمير يرجع إلى يوسف أي ولئن لم يفعل أمرى إياه أي موجب احري ومقتضاه * (ليسجنن) * ليحبسن والألف في * (وليكون) * بدل من نون التأكيد الخفيفة * (من الصاغرين) * مع السراق والسفاك والإباق كما سرق قلبي وأبق منى وسفك دمى بالفراق فلا يهنأ ليوسف الطعام والشراب والنوم هنالك كما منعني هنا كل ذلك ومن لم يرض بمثلى في الحرير على السرير أمير احصل في الحصير على الحصير حسيرا فلما سمع يوسف تهديدها * (قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه) * اسند الدعوة عليهن لأنهن قلن له ما عليك لو أجبت مولاتك أو افتتنت كل واحدة فدعته إلى نفسها سرا فالتجأ إلى ربه قال رب السجن أحب إلى من ركوب المعصية * (وإلا تصرف عني كيدهن) * فزع منه إلى الله في طلب العصمة * (أصب إليهن) * امل إليهن والصبوة الميل إلى الهوى ومنه الصبا لأن النفوس تصبوا إليها الطيب نسيمها وروحها * (وأكن من الجاهلين) * من الذين لا يعملون بما يعلمون لأن من لا جدوى لعلمه فهو ومن لم يعلم سواء أو من السفهاء فلما كان في قوله وإلا تصرف عنى كيدهن معنى طلب الصرف
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»