تفسير النسفي - النسفي - ج ١ - الصفحة ٥١
البقرة (71 _ 73)) وما بقي أشكال في أمرها جئت وبابه بغير همز أبو عمرو * (فذبحوها) * فحصلوا البقرة الجامعة لهذه الأوصاف كلها فذبحوها * (وما كادوا يفعلون) * لغلاء ثمنها أو خوف الفضيحة في ظهور القاتل روى أنه كان في بني إسرائيل شيخ صالح له عجلة فأتى بها الغيضة وقال اللهم إني استودعتكها لابني حتى يكبر وكان برا بوالديه فشبت البقرة وكانت من أحسن البقر وأسمنه فساوموها اليتيم و أمه حتى اشتروها بملء مسكها ذهبا وكانت البقرة ذاك بثلاثة دنانير وكانوا طلبوا البقرة الموصوفة أربعين سنة وهذا البيان من قبيل تقييد المطلق فكان نسخا والنسخ قبل الفعل جائز وكذا قبل التمكن منه عندنا خلافا للمعتزلة * (وإذ قتلتم نفسا) * بتقدير واذكروا خوطبت الجماعة لوجود القتل فيهم * (فادارأتم فيها) * فاختلفتم واختصمتم في شأنها لأن المتخاصمين يدرأ بعضهم بعضا أي يدفع أو تدافعتم بمعنى طرح قتلها بعضكم على بعض فيدفع المطروح عليه الطارح أو لأن الطرح في نفسه دفع و أصله تدارأتم ثم أرادوا التخفيف فقلبوا التاء دالا لتصير من جنس الدال التي هي فاء الكلمة ليمكن الادغام ثم سكنوا الدال إذ شرط الادغام أن يكون الأول ساكنا وزيدت همزة الوصل لأنه لا يمكن الابتداء بالساكن فادارأتم بغير همز أبو عمرو * (والله مخرج ما كنتم تكتمون) * مظهر لا محالة ما كتمتم من أمر القتل لا يتركه مكتوما وأعمل مخرج على حكاية ما كان مستقبلا في وقت التدارؤ وهذه الجملة اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه وهما ادارأتم و * (فقلنا) * والضمير في * (اضربوه) * يرجع إلى النفس والتذكير بتأويل الشخص والإنسان أو إلى القتيل لما دل عليه ما كنتم تكتمون * (ببعضها) * ببعض البقرة وهو لسانها أو فخذها اليمنى أو عجبها والمعنى فضربوه فحي فحذف ذلك لدلالة * (كذلك يحيي الله الموتى) * عليه روى أنهم لما ضربوه قام بإذن الله تعالى وقال قتلني فلان وفلان لا بنى عمه ثم سقط ميتا فأخذاوقتلا ولم يورث قاتل بعد ذلك وقوله كذلك يحيى الله الموتى اما أن يكون خطابا للمنكرين في زمن النبي عليه السلام واما أن يكون خطابا للذين حضروا حياة القتيل بمعنى وقلنا لهم كذلك يحيى الله الموتى يوم القيامة * (ويريكم آياته) * دلالة على أنه قادر على كل شيء * (لعلكم تعقلون) * فتعملون على قضية عقولكم وهى أن من قدر على إحياء نفس واحدة قدر على إحياء جميعها لعدم الاختصاص والحكمة في ذبح البقرة وضربه ببعضها و أن قدر على إحيائه بلا واسطة التقرب به الاشعار بحسن تقديم القربة على الطلب والتعليم لعباده ترك التشديد في الأمور والمسارعة إلى امتثال أوامر الله من غير تفتيش وتكثير سؤال وغير ذلك وقيل إنما أمروا بذبح البقرة دون غيرها من البهائم لأنها أفضل قرابينهم ولعبادتهم العجل فأراد الله تعالى أن يهون معبودهم عندهم وكان ينبغي أن
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»