تفسير النسفي - النسفي - ج ١ - الصفحة ٢٣٦
النساء (81 _ 83)) و إنما ينافقون بما يقولون ويظهرون * (والله يكتب ما يبيتون) * يثبته في صحائف أعمالهم ويجازيهم عليه * (فأعرض عنهم) * ولا تحدث نفسك بالانتقام منهم * (وتوكل على الله) * في شأنهم فإن الله يكفيك مضرتهم وينتقم لك منهم إذا قوى أمر الإسلام * (وكفى بالله وكيلا) * كافيا لمن توكل عليه * (أفلا يتدبرون القرآن) * أفلا يتأملون معانيه ومبانيه والتدبر التأمل والنظر في أدبار الأمور وما يؤل إليه في عاقبته ثم استعمل في كل تأمل والتفكر تصرف القلب بالنظر في الدلائل وهذا يرد قول من زعم من الروافض أن القرآن لا يفهم معناه إلا بتفسير الرسول صلى الله عليه وسلم والامام المعصوم ويدل على صحة القياس وعلى بطلان التقليد * (ولو كان من عند غير الله) * كما زعم الكفار * (لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) * أي تناقضا من حيث التوحيد والتشريك والتحليل والتحريم أو تفاوتا من حيث البلاغة فكان بعضه بالغا حد الاعجاز وبعضه قاصرا عنه يمكن معارضته أو من حيث المعاني فكان بعضه إخبارا بغيب قد وافق المخبر عنه وبعضه إخبار مخالفا للمخبر عنه وبعضه دالا على معنى صحيح عند علماء المعاني وبعضه دالا على معنى فاسد غير ملتئم وأما تعلق الملحدة بآيات يدعون فيها اختلافا كثيرا من نحو قوله فإذا هي ثعبان مبين كأنها جان فوربك لنسألنهم أجمعين فيؤمئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان فقد تفضى عنها أهل الحق وستجدها مشروحة في كتابنا هذا في مظانها إن شاء الله تعالى * (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف) * هم ناس من ضعفة المسلمين الذين لم يكن فيهم خبرة بالأحوال أو المنافقون كانوا إذا بلغهم خبر من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمن وسلامة أو خوف وخلل * (أذاعوا به) * أفشوه وكانت إذاعتهم مفسدة يقال أذاع السر وأذاع به والضمير يعود إلى الأمر أو إلى الأمن أو الخوف لأن أو تقتضى أحدهما * (ولو ردوه) * أي ذلك الخبر * (إلى الرسول) * أي رسول الله صلى الله عليه وسلم * (وإلى أولي الأمر منهم) * يعنى كبراء الصحابة البصراء بالأنور أو الذين كانوا يؤمرون منهم * (لعلمه) * لعلم تدبير ما أخبروا به * (الذين يستنبطونه منهم) * يستخرجون تدبيره بفطنهم وتجاربهم ومعرفتهم بأمور الحرب ومكايدها وقيل كانوا يقفون من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولي الأمر على أمن ووثوق بالظهور على بعض الأعداء أو على خوف واستشعار فيذيعونه فينشر فيبلغ الأعداء فتعود اذاعتهم مفسدة ولو ردوه إلى الرسول و إلى أولي الأمر وفوضوه إليهم وكانوا كأن لم يسمعوا لعلم الذين يستنبطون تدبيره كيف يدبرونه وما يأتون ويذرون فيه والنبط الماء الذي
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»