تفسير النسفي - النسفي - ج ١ - الصفحة ٢٣٣
النساء (74 _ 75)) يستحبون الحياة الآجلة على العاجلة ويستبدلونها بها أي إن صد الذين مرضت قلوبهم وضعفت نياتهم عن القتال فليقاتل الثابتون المخلصون أو يشترون والمراد المنافقون الذين يشترون الحياة الدنيا بالآخرة وعظوا بأن يغيروا ما بهم من النفاق ويخلصوا الإيمان بالله ورسوله ويجاهدوا في سبيل الله حق جهاده * (ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما) * وعد الله المقاتل في سبيل الله ظافرا أو مظفورا به إيتاء الأجر العظيم على اجتهاده في اعزاز دين الله * (وما لكم) * مبتدأ وخبر وهذا الاستفهام في النفي للتنبيه على الاستبطاء وفى الاثبات للانكار * (لا تقاتلون في سبيل الله) * حال والعامل فيها الاستقرار كما تقول مالك قائما والمعنى و أشىء لكم تاركين القتال وقد ظهرت دواعيه * (والمستضعفين) * مجرور بالعطف على سبيل الله أي في سبيل الله وفى خلاص المستضعفين أو منصوب على الأخت منه أي واختص من سبيل الله خلاص المستضعفين من المستضعفين لأن سبيل الله عام في كل خير وخلاص المسلمين من أيدي الكفار من أعظم الخير وأخصه والمستضعفون هم الذين أسلموا بمكة وصدهم المشركون عن الهجرة فبقوا بين أظهرهم مستذلين مستضعفين يلقون منهم الأذى الشديد * (من الرجال والنساء والولدان) * ذكر الولدان تسجيلا بافراط ظلمهم حيث بلغ أذاهم الولدان غير المكلفين ارغاما لا بائهم وأمهاتم و لأن المستضعفين كانوا يشركون صبيانهم في دعائهم استنزالا لرحمة الله بدعاء صغارهم الذين لم يذنبوا كما فعل قوم يونس عليه السلام عن ابن عباس رضي الله عنهما كنت أنا و أمي من المستضعفين من النساء والولدان * (الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية) * يعنى مكة * (الظالم أهلها) * الظالم وصف للقرية إلا أنه مسند إلى أهلها فاعطى اعراب القرية لأنه صفتها وذكر لاسناده إلى الأهل كما تقول من هذه القرية التي ظلم أهلها * (واجعل لنا من لدنك وليا) * يتولى أمرنا ويستنقذنا من أعدائنا * (واجعل لنا من لدنك نصيرا) * ينصرنا عليهم كانوا يدعون الله بالخلاص ويستنصرونه فيسر الله لبعضهم الخروج إلى المدينة وبقى بعضهم إلى الفتح حتى جعل الله لهم من لدنه خير ولى وناصر وهو محمد عليه السلام فتولاهم أحسن التولي و نصرهم أقوى النصر ولما خرج محمد صلى الله عليه وسلم استعمل عتاب بن أسيد فرأوا منه الولاية والنصرة كما أرادوا قال ابن عباس رضي الله عنهما كان ينصر الضعيف من القوى حتى كانوا أعزبها من الظلمة رغب الله المؤمنين بأنهم يقاتلون في سبيل الله فهو وليهم وناصرهم وأعداؤهم يقاتلون في
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»