تفسير النسفي - النسفي - ج ١ - الصفحة ٢٢٦
النساء (47 _ 50)) بالطمس القلب والتغيير كما طمس أموال القبط فقلبها حجارة وبالوجوه رؤوسهم ووجهاؤهم أي من قبل أن تغير أحوال وجهائهم فنسلبهم إقبالهم ووجاهتهم ونكسوهم صفارهم وإدبارهم * (أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت) * أي تخزيهم بالمسخ كما مسخنا أصحاب السبت والضمير يرجع إلى الوجوه إن أريد الوجهاء أو إلى الذين أوتوا الكتاب على طريقة الالتفات والوعيد كان معلقا بألا يؤمن كلهم وقد آمن بعضهم فإن ابن سلام قد سمع الآية قافلا من الشام فأتى النبي صلى الله عليه وسلم مسلما قبل أن يأتي أهله وقال ما كنت أرى أن أصل إلى أهلي قبل أن يطمس الله وجهي أو أن الله تعالى أوعدهم بأحد الأمرين بطمس الوجوه أو بلعنهم فإن كان الطمس تبدل أحوال رؤسائهم فقد كان أحد الأمرين و إن كان غيره فقد حصل اللعن فإنهم ملعونون بكل لسان وقيل هو منتظر في اليهود * (وكان أمر الله) * أي المأمور به وهو العذاب الذي أوعدوا به * (مفعولا) * كائنا لا محالة فلا بد أن يقع أحد الأمرين إن لم يؤمنوا * (إن الله لا يغفر أن يشرك به) * إن مات عليه * (ويغفر ما دون ذلك) * أي ما دون الشرك و إن كان كبيرة مع عدم التوبة والحاصل أن الشرك مغفور عنه بالتوبة و إن وعد غفران ما دونه لمن لم يتب أي لا يغفر لمن يشرك وهو مشرك ويغفر لمن يذنب وهو مذنب قال النبي عليه السلام من لقى الله تعالى لا يشرك به شيئا دخل الجنة ولم تضره خطيئته وتقييده بقوله * (لمن يشاء) * لا يخرجه عن عمومه كقوله الله لطيف بعباده يرزق من يشاء قال على رضي الله عنه ما في القرآن آية أحب إلى من هذه الآية وحمل المعتزلة على التائب باطل لأن الكفر مغفور عنه بالتوبة لقوله تعالى قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف فما دونه أولى أن يغفر بالتوبة و الآية سيقت لبيان التفرقة بينهما وذا فيما ذكرنا * (ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما) * كذب كذبا عظيما استحق به عذابا أليما ونزل فيمن زكى نفسه من اليهود والنصارى حيث قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه وقالوا لن يدخل الجنة إلا ن كان هودا أو نصارى * (ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم) * ويدخل فيها كل من زكى نفسه ووصفها بزكاء العمل وزيادة الطاعة والتقوى * (بل الله يزكي من يشاء) * إعلام بأن تزكية الله هي التي يعتدبها لا تزكية غيره لأنه هو العالم بمن هو أهل للتزكية ونحوه فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى * (ولا يظلمون) * أي الذين يزكون أنفسهم يعاقبون على تزكية أنفسهم حق جزائهم أو من يشاء يثابون على زكائهم ولا ينقص من ثوابهم * (فتيلا) * قدر فتيل وهو ما يحدث بفتل الأصابع من الوسخ * (انظر كيف يفترون على الله الكذب) *
(٢٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 ... » »»