أخباركم - فينبئكم بما كنتم تعملون) والنبوة سفارة بين الله وبين ذوي العقول من عباده لإزاحة علتهم في أمر معادهم ومعاشهم.
والنبي لكونه منبئا بما تسكن إليه العقول الذكية، وهو يصح أن يكون فعيلا بمعنى فاعل لقوله تعالى: (نبئ عبادي - قل أؤنبئكم) وأن يكون بمعنى المفعول لقوله: (نبأني العليم الخبير) وتنبأ فلان ادعى النبوة، وكان من حق لفظه في وضع اللغة أن يصح استعماله في النبي إذ هو مطاوع نبأ كقوله زينه فتزين، وحلاه فتحلى، وجمله فتجمل، لكن لما تعورف فيمن يدعى النبوة كذبا جنب استعماله في المحق ولم يستعمل إلا في المتقول في دعواه كقولك تنبأ مسيلمة، ويقال في تصغير، نبئ:
مسيلمة نبيئ سوء، تنبيها أن أخباره ليست من أخبار الله تعالى، كما قال رجل سمع كلامه: والله ما خرج هذا الكلام من إل أي الله. والنبأة الصوت الخفي.
نبي: النبي بغير همز فقد قال النحويون أصله الهمز فترك همزه، واستدلوا بقولهم:
مسيلمة نبيئ سوء. وقال بعض العلماء: هو من النبوة أي الرفعة، وسمى نبيا لرفعة محله عن سائر الناس المدلول عليه بقوله: (ورفعناه مكانا عليا) فالنبي بغير الهمز أبلغ من النبئ بالهمز، لأنه ليس كل منبئ رفيع القدر والمحل، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام لمن قال: يا نبئ الله فقال: " لست بنبئ الله ولكن نبي الله " لما رأى أن الرجل خاطبه بالهمز لبغض منه.
والنبوة والنباوة الارتفاع، ومنه قيل نبا بفلان مكانه كقولهم قض عليه مضجعه، ونبا السيف عن الضريبة إذا ارتد عنه ولم يمض فيه، ونبا بصره عن كذا تشبيها بذلك.
نتق: نتق الشئ جذبه ونزعه حتى يسترخي كنتق عرى الحمل، قال تعالى:
(وإذ نتقنا الجبل فوقهم) ومنه استعير امرأة ناتق إذا كثر ولدها، وقيل زند ناتق: وار، تشبيها بالمرأة الناتق.
نثر: نثر الشئ نشره وتفريقه، يقال نثرته فانتثر، قال تعالى: (وإذا الكواكب انتثرت) ويسمى الدرع إذا لبس نثرة، ونثرت الشاة طرحت من أنفها الأذى، والنثرة ما يسيل من الانف، وقد تسمى الانف نثرة، ومنه النثرة لنجم يقال له أنف الأسد، وطعنه فانثره ألقاه على أنفه، والاستنثار جعل الماء في النثرة.
نجد: النجد المكان الغليظ الرفيع، وقوله (وهديناه النجدين) فذلك مثل لطريقي الحق والباطل في الاعتقاد والصدق والكذب في المقال، والجميل والقبيح في الفعال، وبين أنه عرفهما كقوله: (إنا هديناه السبيل) الآية، والنجد اسم صقع وأنجده قصده، ورجل نجد ونجيد ونجد أي قوى شديد بين