لا يحب المعتدين) فهذا هو الاعتداء على سبيل الابتداء لا على سبيل المجازاة لأنه قال: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) أي قابلوه بحسب اعتدائه وتجاوزوا إليه بحسب تجاوزه. ومن العدوان المحظور ابتداء قوله: (وتعاونوا على البر والتقوي ولا تعاونوا على الاثم والعدوان) ومن العدوان الذي هو على سبيل المجازاة ويصح أن يتعاطى مع من ابتدأ قوله: (فلا عدوان إلا على الظالمين - ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا) وقوله تعالى: (فمن اضطر غير باغ ولا عاد) أي غير باغ لتناول لذة ولا عاد أي متجاوز سد الجوعة، وقيل غير باغ على الامام ولا عاد في المعصية طريق المخبتين. وقد عدا طوره تجاوزه وتعدى إلى غيره ومنه التعدي في الفعل. وتعدية الفعل في النحو هو تجاوز معنى الفعل من الفاعل إلى المفعول. وما عدا كذا يستعمل في الاستثناء، وقوله: (إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى) أي الجانب المتجاوز للقرب.
عذب: ماء عذب طيب بارد، قال: (هذا عذب فرات) وأعذب القوم صار لهم ماء عذب والعذاب هو الايجاع الشديد وقد عذبه تعذيبا أكثر حبسه في العذاب، قال: (لأعذبنه عذابا شديدا - وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) أي ما كان يعذبهم عذاب الاستئصال، وقوله:
(وما لهم ألا يعذبهم الله) لا يعذبهم بالسيف وقال: (وما كنا معذبين - وما نحن بمعذبين - ولهم عذاب واصب - ولهم عذاب أليم - وأن عذابي هو العذاب الأليم) واختلف في أصله فقال بعضهم هو من قولهم عذب الرجل إذا ترك المأكل والنوم فهو عاذب وعذوب، فالتعذيب في الأصل هو حمل الانسان أن يعذب أي يجوع ويسهر، وقيل أصله من العذب فعذبته أي أزلت عذب حياته على بناء مرضته وقذيته، وقيل أصل التعذيب إكثار الضرب بعذبة السوط أي طرفها، وقد قال بعض أهل اللغة: التعذيب هو الضرب، وقيل هو من قولهم ماء عذب إذا كان فيه قذى وكدر فيكون عذبته كقولك كدرت عيشه وزلقت حياته، وعذبة السوط واللسان والشجر أطرافها عذر: العذر تحرى الانسان ما يمحو به ذنوبه. ويقال عذر وعذر وذلك على ثلاثة أضرب: إما أن يقول لم أفعل أو يقول فعلت لأجل كذا فيذكر ما يخرجه عن كونه مذنبا، أو يقول فعلت ولا أعود ونحو ذلك من المقال.
وهذا الثالث هو التوبة فكل توبة عذر وليس كل عذر توبة، واعتذرت إليه أتيت بعذر، وعذرته قبلت عذره، قال (يعتذرون إليكم قل لا تعتذروا) والمعذر من يرى أن له عذرا