ينصبون الأخبية، وقال آخر:
* يتبع أفياء الظلال عشية * أي أفياء الشخوص وليس في هذا دلالة فإن قوله: رفعنا ظل أخبية، معناه رفعنا الأخبية فرفعنا به ظلها فكأنه رفع الظل. وقوله أفياء الظلال فالظلال عام والفئ خاص، وقوله أفياء الظلال، هو من إضافة الشئ إلى جنسه. والظلة أيضا شئ كهيئة الصفة وعليه حمل قوله تعالى:
(وإذا غشيهم موج كالظلل) أي كقطع السحاب. وقوله تعالى: (لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل) وقد يقال ظل لكل ساتر محمودا كان أو مذموما، فمن المحمود قوله: (ولا الظل ولا الحرور) وقوله (ودانية عليهم ظلالها) ومن المذموم قوله: (وظل من يحموم) وقوله: (إلى ظل ذي ثلاث شعب) الظل ههنا كالظلة لقوله: (ظلل من النار)، وقوله: (لا ظليل) لا يفيد فائدة الظل في كونه واقيا عن الحر، وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى لم يكن له ظل ولهذا تأويل يختص بغير هذا الموضع. وظلت وظللت بحذف إحدى اللامين يعبر به عما يفعل بالنهار ويجرى مجرى صرت: (فظلتم تفكهون - لظلوا من بعده يكفرون - ظلت عليه عاكفا).
ظلم: الظلمة عدم النور وجمعها ظلمات، قال (أو كظلمات في بحر لجي - ظلمات بعضها فوق بعض) وقال تعالى: (أم من يهديكم في ظلمات البر والبحر - وجعل الظلمات والنور) ويعبر بها عن الجهل والشرك والفسق كما يعبر بالنور عن أضدادها، قال الله تعالى: (يخرجهم من الظلمات إلى النور - أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور - فنادى في الظلمات - كمن مثله في الظلمات) هو كقوله: (كمن هو أعمى) وقوله في سورة الأنعام: (والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات) فقوله: (في الظلمات) ههنا موضوع موضع العمى في قوله (صم بكم عمى) وقوله في: (ظلمات ثلاث) أي البطن والرحم والمشيمة، وأظلم فلان حصل في ظلمة، قال: (فإذا هم مظلمون) والظلم عند أهل اللغة وكثير من العلماء وضع الشئ في غير موضعه المختص به إما بنقصان أو بزيادة، وإما بعدول عن وقته أو مكانه، ومن هذا يقال ظلمت السقاء إذا تناولته في غير وقته، ويسمى ذلك اللبن الظليم. وظلمت الأرض حفرتها ولم تكن موضعا للحفر وتلك الأرض يقال لها المظلومة والتراب الذي يخرج منها ظليم. والظلم يقال في مجاوزة الحق الذي يجرى مجرى نقطة الدائرة، ويقال فيما يكثر وفيما يقل من التجاوز ولهذا يستعمل في الذنب الكبير وفى الذنب الصغير ولذلك قيل لآدم في تعديه ظالم وفى إبليس ظالم وإن كان بين الظالمين بون بعيد.
قال بعض الحكماء: الظلم ثلاثة: