مفردات غريب القرآن - الراغب الأصفهانى - الصفحة ٢٦٥
وفى الشقاوة الأخروية قال (فلا يضل ولا يشقى) وقال (غلبت علينا شقوتنا) وقرئ (شقاوتنا) وفى الدنيوية (فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى) قال بعضهم: قد يوضع الشقاء موضع التعب نحو شقيت في كذا وكل شقاوة تعب وليس كل تعب شقاوة فالتعب أعم من الشقاوة.
شكك: الشك اعتدال النقيضين عند الانسان وتساويهما وذلك قد يكون لوجود أمارتين متساويتين عند النقيضين أو لعدم الامارة فيهما، والشك ربما كان في الشئ هل هو موجود أو غير موجود؟ وربما كان في جنسه، من أي جنس هو؟ وربما كان في بعض صفاته وربما كان في الغرض الذي لأجله أوجد.
والشك ضرب من الجهل وهو أخص منه لان الجهل قد يكون عدم العلم بالنقيضين رأسا فكل شك جهل وليس كل جهل شكا، قال (لفي شك مريب - بل هم في شك يلعبون - فإن كنت في شك). واشتقاقه إما من شككت الشئ أي خرقته قال:
وشككت بالرمح الأصم ثيابه * ليس الكريم على القنا بمحرم فكأن الشك الخرق في الشئ وكونه بحيث لا يجد الرأي مستقرا يثبت فيه ويعتمد عليه.
ويصح أن يكون مستعارا من الشك وهو لصوق العضد بالجنب، وذلك أن يتلاصق النقيضان فلا مدخل للفهم والرأي لتخلل ما بينهما ويشهد لهذا قولهم التبس الامر واختلط وأشكل ونحو ذلك من الاستعارات.
والشكة السلاح الذي به يشك: أي يفصل.
شكر: الشكر تصور النعمة وإظهارها، قيل وهو مقلوب عن الكشر أي الكشف، ويضاده الكفر وهو نسيان النعمة وسترها، ودابة شكور مظهرة بسمنها إسداء صاحبها إليها، وقيل أصله من عين شكري أي ممتلئة، فالشكر على هذا هو الامتلاء من ذكر المنعم عليه. والشكر ثلاثة أضرب: شكر القلب، وهو تصور النعمة. وشكر اللسان، وهو الثناء على المنعم. وشكر سائر الجوارح، وهو مكافأة النعمة بقدر استحقاقه (اعملوا آل داود شكرا) فقد قيل شكرا انتصب على التمييز. ومعناه اعملوا ما تعملونه شكرا لله. وقيل شكرا مفعول لقوله اعملوا وذكر اعملوا ولم يقل اشكروا لينبه على التزام الأنواع الثلاثة من الشكر بالقلب واللسان وسائر الجوارح.
قال: (اشكر لي ولوالديك - وسنجزي الشاكرين - ومن شكر فإنما يشكر لنفسه) وقوله: (وقليل من عبادي الشكور)، ففيه تنبيه أن توفية شكر الله صعب ولذلك لم يثن بالشكر من أوليائه إلا على اثنين، قال في إبراهيم عليه السلام:
(شاكرا لأنعمه) وقال في نوح: (إنه كان عبدا شكورا) وإذا وصف الله بالشكر
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»
الفهرست