(سلام قولا من رب رحيم - سلام عليكم بما صبرتم - سلام على آل ياسين) كل ذلك من الناس بالقول، ومن الله تعالى بالفعل وهو إعطاء ما تقدم ذكره مما يكون في الجنة من السلامة، وقوله: (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) أي نطلب منكم السلامة فيكون قوله سلاما نصبا بإضمار فعل، وقيل معناه قالوا سلاما أي سدادا من القول فعلى هذا يكون صفة لمصدر محذوف. وقوله تعالى: (إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما، قال سلام) فإنما رفع الثاني لان الرفع في باب الدعاء أبلغ فكأنه تحرى في باب الأدب المأمور به في قوله:
(وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها) ومن قرأ سلم فلان السلام لما كان يقتضى السلم، وكان إبراهيم عليه السلام قد أوجس منهم خيفة فلما رآهم مسلمين تصور من تسليمهم أنهم قد بذلوا له سلما فقال في جوابهم سلم تنبيها أن ذلك من جهتي لكم كما حصل من جهتكم لي. وقوله تعالى: (لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما) فهذا لا يكون لهم بالقول فقط بل ذلك بالقول والفعل جميعا. وعلى ذلك قوله تعالى:
(فسلام لك من أصحاب اليمين) وقوله:
(وقل سلام) فهذا في الظاهر أن تسلم عليهم، وفى الحقيقة سؤال الله السلامة منهم، وقوله تعالى: (سلام على نوح في العالمين - سلام على موسى وهارون - سلام على إبراهيم) كل هذا تنبيه من الله تعالى أنه جعلهم بحيث يثنى عليهم ويدعى لهم. وقال تعالى: (فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم) أي ليسلم بعضكم على بعض. والسلام والسلم والسلم الصلح قال:
(ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم لست مؤمنا) وقيل نزلت فيمن قتل بعد إقراره بالاسلام ومطالبته بالصلح. وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة وإن جنحوا للسلم) وقرئ للسلم بالفتح، وقرئ: (وألقوا إلى الله يومئذ السلم) وقال: (يدعون إلى السجود وهم سالمون) أي مستسلمون، وقوله: (ورجلا سالما لرجل) وقرئ سلما وسلما وهما مصدران وليسا بوصفين كحسن ونكد يقول سلم سلما وسلما وربح ربحا وربحا. وقيل السلم اسم بإزاء حرب، والاسلام الدخول في السلم وهو أن يسلم كل واحد منهما أن يناله من ألم صاحبه، ومصدر أسلمت الشئ إلى فلان إذا أخرجته إليه ومنه السلم في البيع. والاسلام في الشرع على ضربين أحدهما دون الايمان وهو الاعتراف باللسان وبه يحقن الدم حصل معه الاعتقاد أولم يحصل وإياه قصد بقوله: (قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا) والثاني فوق الايمان وهو أن يكون مع الاعتراف اعتقاد بالقلب ووفاء بالفعل واستسلام لله في جميع ما قضى وقدر، كما ذكر عن