مفردات غريب القرآن - الراغب الأصفهانى - الصفحة ٢٥
كان ذلك بقولهم افعل وليفعل أو كان ذلك بلفظ خبر نحو: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن) أو كان بإشارة أو غير ذلك: ألا ترى أنه قد سمى ما رأى إبراهيم في المنام من ذبح ابنه أمرا حيث قال: (إني أرى في المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر) فسمى ما رآه في المنام من تعاطى الذبح أمرا.
وقوله: (وما أمر فرعون برشيد) فعام في أقواله وأفعاله، وقوله: (أتى أمر الله) إشارة إلى القيامة فذكره بأعم الألفاظ. وقوله (بل سولت لكم أنفسكم أمرا) أي ما تأمر النفس الامارة بالسوء. وقيل أمر القوم كثروا وذلك لان القوم إذا كثروا صاروا ذا أمير من حيث إنهم لابد لهم من سائس يسوسهم، ولذلك قال الشاعر:
* لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم * وقوله تعالى: (أمرنا مترفيها) أي أمرناهم بالطاعة، وقيل معناه كثرناهم، وقال أبو عمرو:
لا يقال أمرت بالتخفيف في معنى كثرت، وإنما يقال أمرت وآمرت. وقال أبو عبيدة: قد يقال أمرت بالتخفيف نحو: خير المال مهرة مأمورة وسكة مأبورة، وفعله أمرت.
وقرئ أمرنا: أي جعلناهم أمراء، وعلى هذا حمل قوله تعالى: (وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها) وقرئ أمرنا بمعنى أكثرنا والائتمار قبول الامر ويقال للتشاور ائتمار لقبول بعضهم أمر بعض فيما أشار به، قال تعالى: (إن الملا يأتمرون بك) قال الشاعر:
* وأمرت نفسي أي أمر أفعل * وقوله تعالى: (لقد جئت شيئا إمرا) أي منكرا من قولهم أمر الامر، أي كبر وكثر كقولهم استفحل الامر، وقوله: (وأولي الأمر ) قيل عنى الامراء في زمن النبي عليه الصلاة والسلام، وقيل الأئمة من أهل البيت، وقيل الآمرون بالمعروف. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: هم الفقهاء وأهل الدين المطيعون لله، وكل هذه الأقوال صحيحة. ووجه ذلك أن أولي الأمر الذين بهم يرتدع الناس أربعة: الأنبياء وحكمهم على ظاهر العامة والخاصة وعلى بواطنهم، والولاة وحكمهم على ظاهر الكافة دون باطنهم، والحكماء وحكمهم على باطن الخاصة دون الظاهر، والوعظة وحكمهم على بواطن العامة دون ظواهرهم.
أمن: أصل الامن طمأنينة النفس وزوال الخوف والامن والأمانة والأمان في الأصل مصادر ويجعل الأمان تارة اسما للحالة التي يكون عليها الانسان في الامن، وتارة اسما لما يؤمن عليه الانسان نحو قوله: (وتخونوا أماناتكم) أي ما ائتمنتم عليه، (وقوله: إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض) قيل هي كلمة التوحيد وقيل العدالة، وقيل حروف التهجي، وقيل العقل وهو صحيح فإن العقل هو الذي لحصوله يتحصل معرفة التوحيد وتجري العدالة وتعلم حروف التهجي بل لحصوله تعلم كل ما في طوق
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»
الفهرست