* (وأرسل عليهم طيرا أبابيل (3) ترميهم بحجارة من سجيل (4) فجعلهم كعصف مأكول (5) العدس، فجاءت الطير ورمتهم بالأحجار، وفي القصة: أن الحجر كان يصيب رأس الإنسان، فيخرج من دبره، فيسقط ويموت، وكان إذا وقع على جانب منه خرج من الجانب الآخر، وهرب القوم وتساقطوا في الطريق.
وقيل: إن الحجر إذا أصاب الواحد منهم نفط موضعه وأصابه الجدري، فهو أول ما رئى الجدري في ديار العرب، والله أعلم.
وأما أبرهة فتساقط في الطريق أنملة أنملة، ثم إنه انصدع صدره عن قلبه ومات.
وعام الفيل هو العام الذي ولد فيه النبي، وقد قيل: إنه ولد بعد ذلك بسنتين، والصحيح هو الأول، وقال أهل العلم: كان ذلك إرهاصا لنبوة النبي وتأسيسا بها.
قوله تعالى: * (ألم يجعل كيدهم في تضليل) أي: أبطل مكرهم وسعيهم، ويقال: قوله: * (في تضليل) أي: ضل عنهم، وفاتهم ما قصدوا.
وقوله: * (وأرسل عليهم طيرا أبابيل) قال أبو عبيدة: جماعات في تفرقة، وعند أبي عبيدة والفراء: لا واحد لها، وعند الكسائي: واحدها: أبول مثل عجاجيل وعجول.
ويقال: طيرا أبابيل أي: كثيرة، ويقال: أقاطيع يتبع بعضها بعضا.
وقوله: * (ترميهم بحجارة من سجيل) قال ابن عباس: السجيل بالفارسية (سنك) كل، ويقال: من سجيل من السماء، وهو اسم سماء الدنيا.
وقوله: * (فجعلهم كعصف مأكول) العصف: هو ورق الزرع، ومعناه: كعصف قد أكل ما فيه، وقيل: كل ثمره.
والمعنى: أن الله تعالى شبههم بالزرع الذي أكلته الدواب وراثته وتفرقت، ولم يبق من ذلك شيء فشبه هلاكهم بذلك، والله أعلم.