* (ينظرون إلى الإبل كيف خلقت (17) وإلى السماء كيف رفعت (18) وإلى الجبال كيف نصبت (19) وإلى الأرض كيف سطحت (20) فذكر إنما أنت مذكر (21) لست عليهم بمسيطر (22) إلا من تولى وكفر (23) فيعذبه الله) فلا يرى إلا بعيره الذي هو راكبه، والسماء التي فوقه، والأرض التي تحته، والجبال التي هي نصب عينه.
وقوله: * (إلى الإبل كيف خلقت) في الإبل من أعجوبة الخلق ما ليس في غيرها؛ لأنها مع كبرها وعظمها تنقاد لكل واحد يقوده، وأيضا فإنها تبرك ويحمل عليه الحمل الثقيل، وتقوم من بروكها، ولا يوجد هذا في غيره، والطفل الصغير يقوده فينقاد، وينخه فيستنخ.
وفي بعض الحكايات أن فارة جرت بزمام بعير، ودخلت جحرها، فنزل البعير، وجرت الفأرة الزمام، فوضع فاها على الجحر.
قوله تعالى: * (وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت) أي: بسطت.
وعن أبي عمرو بن العلاء: أن قوله: * (إلى الإبل كيف خلقت) أنها السحاب، وهو قول شاذ، ويجوز أن يحمل هذا على هذا إذا شدد ومد.
وقرئ في الشاذ بالتشديد.
وقال المبرد: قد قيل الإبل: القطع العظام من السحاب، يقال: فلان يوبل على فلان أي: يكبر عليه ويعظم.
قوله تعالى: * (فذكر إنما أنت مذكر) في التفسير: أنه عظة للمؤمن، وحجة على الكافر، ويقال: ذكر أي: اذكر دلائل توحيد الله تعالى، وما أنعم عليه من النعمة.
وقوله: * (لست عليهم بمسيطر) أي: بمسلط، وقيل: إن هذا قبل آية السيف، فأما بعد نزولها فقد سلط عليهم.
وقوله: * (إلا من تولى وكفر) استثناء منقطع كأنه قال: لكن من تولى وكفر * (فيعذبه الله العذاب الأكبر).
وقوله: * (إن إلينا إيابهم) أي: رجوعهم، يقال: آب يئوب إذا رجع، قال الشاعر:
(وكل ذي غيبة يئوب * وغائب الموت لا يؤوب)