* (ووجوه يومئذ باسرة (24) تظن أن يفعل بها فاقرة (25) كلا إذا بلغت التراقي (26)).
والذي ذكرناه من النظر إلى الله هو قول عامة المفسرين، وهو مروي عن الحسن البصري أيضا أنه حمل الآية على هذا، وذكره سائر الرواة.
وحكى بعضهم عن مجاهد: إلى ثواب ربها ناظرة، وليس يصح؛ لأن العرب لا تطلق هذا اللفظ في مثل هذا الموضع إلا والمراد منه النظر بالعين، ولعل القول المحكي عن مجاهد لا يثبت؛ لأنه لم يورد من يوثق بروايته.
وحمل بعضهم قوله: * (ناظرة) أي: منتظرة، وهذا أيضا تأويل باطل؛ لأن العرب لا تصل قوله: ' ناظرة ' بكلمة ' إلى ' إلا بمعنى النظر بالعين، قال الشاعر:
(نظرت إليها بالمحصب من منى * ولي نظر ولولا التحرج عارم) فأما إذا [أراد] الانتظار فإنهم لا يصلونها بإلى، قال الشاعر:
(فإنكما إن تنظراني ساعة * من الدهر تنفعني لدى أم جندب) أي: تنتظراني، وعلى المعنى لا يصح أيضا هذا التأويل؛ لأن الطلاقة والهشاشة والسرور إنما يكون بالوصول إلى المطلوب فأما مع الانتظار فلا، فإن في الانتظار تنغصا ومشقة.
وقوله: * (ووجوه يومئذ باسرة) أي: كالحة عابسة.
وقوله: * (تظن أن يفعل بها فاقرة) أي: تتيقن أن الذي يفعل بها فاقرة، والفاقرة هو الأمر الشديد الذي ينكسر معه فقار الظهر.
وقيل: فاقرة: واهية، أو أمر عظيم.
قوله تعالى: * (كلا إذا بلغت التراقي) المعنى: أنه ليس الأمر كما يظنون ويتوهمون، (ويستعملون) ذلك إذا بلغت النفس التراقي.
والتراقي جمع ترقوة،