تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٥ - الصفحة ٧٠
* (من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد (16) الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان وما يدريك لعل الساعة قريب (17) * * وقوله: * (من بعد ما استجيب له) أي: من بعد ما استجاب المؤمنون للرسول.
وقوله: * (حجتهم داحضة) أي: باطلة.
وقوله: * (عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد) قد بينا من قبل. فإن قيل: قد قال: من بعد ما استجيب له، فأي معنى لاستجابة الناس له في هذا المحل، وحجتهم داحضة سواء استجاب له الناس أو لم يستجيبوا له؟ والجواب: أن الكفار ظنوا أن أمر محمد سيزول عن قريب، ويعود الأمر إلى ما هم عليه، وأن الناس لا يستجيبون له ولا يدخلون في دينه، فذكر من بعد ما استجيب له أي: قد استجابه الناس، وبطل ظنكم أن أمره يزول عن قريب، وهذا أحسن فائدة. وفيه قول آخر: أن قوله: * (من بعد ما استجيب له) أي: من بعد ما استجاب الله بما طلب من إظهار المعجزات علبه. وعن بعضهم: أن المحاجة بالباطل هي نصرة الاعتقاد الفاسد، ثم نصرة الاعتقاد الفاسد تكون على وجهين: بإيراد شبهة، وبمدافعة حجة من غير حجة.
قوله تعالى: * (الله الذي أنزل الكتاب بالحق) أي: أنزل القرآن بالأمر والنهي والثواب والعقاب.
وقوله: * (والميزان) أي: العدل، وسمي العدل ميزانا؛ لأن الميزان يكون (مناصف) الناس فيما بينهم، وقيل: هو الميزان نفسه، ومعنى الإنزال: أن الله تعالى أنزل الحديد من السماء، ومن الحديد لسان الميزان وصنجاته.
وقوله: * (وما يدريك لعل الساعة قريب) فإن قيل: يتم لم يقل قريبة، والساعة مؤنثة؟ والجواب: أن تأنيث الساعة ليس بحقيقي؛ لأنها بمعنى الزمان والوقت، ويجوز أن تكون الساعة بمعنى البعث والنشور، فتكون الكتابة راجعة إلى المعنى.
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»