تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٥ - الصفحة ٣٣٧
* (ومن دونهما جنتان (62) فبأي آلاء ربكما تكذبان (63) مدهامتان (64) فبأي آلاء ربكما تكذبان (65) فيهما عينان نضاختان (66) فبأي آلاء ربكما تكذبان (67) فيهما فاكهة ونخل ورمان (68) فبأي آلاء ربكما تكذبان (69)) * * قوله تعالى: * (ومن دونهما جنتان) أي: من دون الجنتين جنتان، فيقال: الجنتان، فيقال: الجنتان المذكورتان أولا للمقربين، والمذكورتان آخرا لأصحاب اليمين، ويقال: المذكورتان أولا للسابقين، والمذكورتان آخرا للتابعين. واختلف القول في قوله: * (ومن دونهما جنتان) قال بعضهم معناه: أن الجنتين المذكورتين آخرا دون الجنتين المذكورتين أولا في النعيم والكرامة. وقال بعضهم: هو مأخوذ من الدنو على معنى القرب، كأن هاتين الجنتين أقرب إلى المؤمن يعني: إلى مسكنه ومنزله من الجنتين الأولتين. فإن قال قائل: أي كرامة في ذكر الجنتين، وهنا ذكر جنة واحدة؟
والجواب: أن التنقل من بستان إلى بستان من الاستلذاذ والتنعم ما لا يخفى، فذكر الجنتين للزيادة والكرامة والنعمة.
قوله تعالى: * (مدهامتان) أي: خضراوتان من الري. قال مجاهد: مسودتان من شدة الخضرة، وهذا قول صحيح؛ لأنه ما من أخضر إلا واشتدت خضرته يضرب إلى السواد، والعرب كانت تسمى قرى العراق سوادا لشدة خضرتها، وكثرة أشجارها.
قوله تعالى: * (فيهما عينان نضاختان) أي: فوارتان، والنضخ فوق النضح ودون الجري. ويقال: نضاختان بالعنبر والمسك.
قوله تعالى: * (فيهما فاكهة ونخل ورمان) حكي عن ابن عباس أنه قال: الرمان ليس من الفاكهة، وكذلك الرطب؛ لأنهما أفردا بالذكر عن الفاكهة، وذكر الفراء هذا أيضا. و [هذا] عن ابن عباس قول غريب، والأكثرون على أن الجميع فاكهة؛ لأن الفاكهة ما يتفكه به، والإفراد بالذكر للتنبيه على نوع فضل، لا أنه ليس من الفاكهة، وهو مثل قوله تعالى: * (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) ومثل قوله
(٣٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 ... » »»