* (من مكان قريب (41) يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج (42) إنا نحن نحيي ونميت وإلينا المصير (43) يوم تشقق الأرض عنهم سراعا ذلك حشر علينا) * * وقوله: * (وأدبار السجود) القول المعروف أنه الركعتان بعد المغرب، ورد القرآن به لزيادة التأكد والندب إليه، وهو قول علي وأبي هريرة. وقيل: إنه جميع النوافل بعد الفرائض. وقيل: إنه الوتر؛ لأنه آخر ما يفعله الإنسان عند فراغه من الصلوات، وقد ذكرنا الخبر فيما جرى من الرؤية، وقوله عليه الصلاة والسلام في آخر ذلك الخبر: ' فإن استطعتم أن [لا] تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وعلى صلاة قبل غروبها فافعلوا ' وقرأ هذه الآية.
قوله تعالى: * (واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب) القول المعروف أنه إسرافيل عليه السلام ينادي الناس على صخرة بيت المقدس، فيقول: أيتها العظام البالية، والجلود المتمزقة، والأجساد المتفرقة، والأوصال المتقطعة، ارجعي إلى ربك، وقيل بلفظ آخر.
وفي الآية قول آخر: وهو أن قوله: * (من مكان قريب) أي: من تحت أقدامهم. ويقال في صماخ آذانهم، وقيل: إن هذا النداء هو النفخة الأولى بهلاك الناس.
وقوله تعالى: * (يوم يسمعون الصيحة بالحق) هو النفخة الثانية، والأصح أن [كليهما] واحد، وذكره بلفظين.
وقوله: * (ذلك يوم الخروج) أي: من القبور لحساب الأعمال ودخول الجنة والنار.
قوله تعالى: * (إنا نحن نحيي ونميت وإلينا المصير) أي: المرجع.
قوله تعالى: * (يوم تشقق الأرض عنهم سراعا) أي: لا يلبثون بعد سماع الصيحة، والمعنى: أنهم إذا سمعوا الصيحة تشققت عنهم الأرض، وخرجوا من غير) * * @ 249 @ * (يسير (44) نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد (45)) * * لبث ولا زمان.
وقوله: * (ذلك حشر علينا يسير) هو جواب لقولهم في أول السورة ذلك رجع بعيد.
قوله تعالى: * (نحن أعلم بما يقولون) أي: بما يقولون من الشرك والكذب على الله وعلى رسوله.
وقوله: * (وما أنت عليهم بجبار) أي: بمسلط، وهو مثل قوله تعالى: * (لست عليهم بمسيطر) والجبار في صفات الله محمود، وفي صفات الخلق مذموم، وكذلك المتكبر؛ لأن الخلق أمروا بالتواضع والخشوع والخضوع ولين الجانب وخفض الجناح، وأما الرب جل جلاله فيليق به الجبروت والكبرياء: لأنه المتعالي عن إدراك الخلق، القاهر لهم في كل ما يريده، ولم يصفه أحد حق صفته، ولأعظمه أحد حق تعظيمه، ولا عرفه أحد حق معرفته. وقد قيل: إن الجبار في اللغة هو القتال، وهو في معنى قوله تعالى في قصة موسى عليه السلام * (إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض) أي: قتالا.
وقال بعضهم: إن الآية منسوخة، وهي قبل نزول آية السيف، نسختها آية السيف. وفي بعض التفاسير: أن قوله: * (فاقتلوا المشركين) نسخت سبعين آية من القرآن.
وقوله: * (فذكر بالقرآن من يخاف وعيد) أي: عظ بالقرآن من يخافني. فإن قيل: أليس يوعظ بالقرآن الكافر والمؤمن جميعا، فكيف معنى قوله: * (من يخاف وعيد) والكافر لا يخاف وعيد الله؟ والجواب: أنه لما لم ينتفع بالقرآن إلا المؤمن فكأنه لم يخوف بالقرآن إلا المؤمنون، والله أعلم.
* (وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين (27) في سدر مخضود (28) وطلح منضود) * * التحية. وقد قالوا: إن الاستثناء هاهنا من غير جنس المستثنى منه، فهو منقطع، وهو بمعنى لكن. وقيل: إنه من جنس المستثنى منه؛ لأن اللغو كلام مسموع، والسماع كلام مسموع. واختلفوا في نصب قوله: * (سلاما) قال بعضهم:
انتصب لأن معناه: سلمك الله سلاما أي: يقول بعضهم لبعض، ومنهم من قال: انتصب تبعا لقوله: * (قيلا) لأن سلاما هو الفعل المذكور.
وقوله تعالى: * (وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين) قد بينا، وعن ميمون بن مهران قال: لهم منزلة دون منزلة المقربين. وروى جعفر بن محمد عن أبيه عن جده: أنهم الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ثم تابوا.
وذكر الضحاك عن ابن عباس: أن الله تعالى مسح صفحة ظهر آدم اليمنى فاستخرج منها ذرية شبه الذر بيضا؛ وقال لهم: ادخلوا الجنة برحمتي، ثم مسح صفحة ظهره اليسرى واستخرج منها ذرية كالحمم سوداء، وقال لهم: ادخلوا النار ولا أبالي.
وفي رواية: أخذ بيمينه كل طيب، وأخذ بشماله كل خبيث.
وفي الصحيح ' أن كلتا يديه يمين '. فعلى هذا معنى قوله: * (وأصحاب اليمين) هم الذين أخذوا من صفحة ظهر آدم اليمنى.
وقوله: * (في سدر مخضود) أي: قد قطع شوكه ونزع. والسدر: شجر النبق، قال السدى: ثمرة أحلى من العسل. وقيل: مخضود أي: موقر حملا. ويقال: لا عجم في ثمره. وفي اللغة الخضد هو القطع. قال النبي في صفة مكة: ' لا يخضد شجرها ' أي: لا يقطع.
وقوله: * (وطلح منضود) قرأ علي رضي الله عنه: ' وطلع منضود ' وهو مثل قوله