* (أمرا (4) إنما توعدون لصادق (5) وإن الدين لواقع (6) والسماء ذات الحبك (7) إنكم لفي قول مختلف (8)) * * (كأن مشيتها من بيت جارتها * مشي السحاب لا ريث ولا عجل) وقوله: * (إنما توعدون لصادق) قال مجاهد معناه: أن القيامة كائنة.
وقوله: * (لصادق) أي: ذو صدق، وكذلك قالوا في قوله: * (في عيشة راضية) أي: ذات رضا، ويقال: سمي الوعد صادقا؛ لأن الصدق يقع عليه، كما يقال: ليل نائم، وخبر كاذب، وسر كاتم، وما أشبه ذلك.
وقوله: * (وإن الدين لواقع) قال قتادة: إن الجزاء لواقع. قال لبيد شعرا:
(قوم يدينون بالنوعين مثلهما * بالسوء سوءا وبالإحسان إحسانا) يعني: يجازون. فإن قيل: ما معنى القسم بالرياح والسفن والسحاب وما أشبه ذلك؟ فكيف يقسم الله بخلقه؟ والجواب معناه: ورب الذاريات، ورب الحاملات والجاريات. ويقال: إن قسمه بالشيء يدل على جلالة ذلك وعظم منفعة العباد به. وقيل: التقدير: أقسم بالذاريات.
قوله تعالى: * (والسماء ذات الحبك) قال عكرمة: ذات الخلق الحسن، وقيل: ذات التأليف، المحكم: ويقال ذات الطرائق في الرمل والماء إذا ضربتها الرياح حبائك، ويقال: الحبك هو بهاؤها واستواؤها، ويقال: شدتها وإحكامها، قال الشاعر:
(مكلل بأصول النبت تنسجه * ريح خريق مايد حبك) وقال أبو كثير الهذلي:
(ممن حملن به وهن عواقد * حبك النطاق تشب غير مهبل) وعن الحسن البصري: والسماء ذات الحبك أي: النجوم.
وقوله: * (إنكم لفي قول مختلف) يعني: مصدق ومكذب، ويقال معناه: أن * (فجعلناهن أبكارا (36) عربا أترابا (37) لأصحاب اليمين (38) ثلة من الأولين (39) وثلة من الآخرين (40)) * * سبعين ضعفا ' ذكره النقاش، وهو غريب جدا.
وقوله: * (فجعلناهن أبكارا) أي: عذارى. قال الضحاك: أهل الجنة لا يأتون النساء من مرة إلا وجدوهن عذارى.
وقوله تعالى: * (عربا) أي: محببات إلى أزاجهن. وعن ابن عباس: عواشق لأزواجهن. وعن بعضهم: غنجات. وعن بعضهم: شكلات. وعن بعضهم: مغتلمات. تقول العرب للناقة إذا كانت تشتهي الفحل: عروبة.
وعن زيد بن أسلم: حسنات الكلام. وعن بعضهم: عربا أي: يتكلمن بالعربية. والمعروف الأول، [و] يمكن الجمع بين هذه الأقوال كلها، فكأنها تتحبب إلى زوجها بغنج، وشكل، وكلام حسن، وميل شديد، وبلفظ عربي.
وقوله: * (أترابا) أي: لدات، كأنهن على سن واحد وميلاد واحد.
ويقال: أترابا: أشكالا لأزواجهن في الجسم والمقدار، قال الشاعر:
(أبرزوها مثل المهاة تهادى * بين جنس كواعب أتراب) وقوله: * (لأصحاب اليمين) أي: هذا الذي قلنا لأصحاب اليمين.
وقوله تعالى: * (ثلة من الأولين وثلة من الآخرين) أي: جماعة من الأولين، وهم الذين اتبعوا الأنبياء والمتقدمين صلوات الله عليهم أجمعين وجماعة من الآخرين، وهم الذين اتبعوا نبينا، والثلة: القطعة.
وقد روى أبان بن أبي عياش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي قرأ هذه