تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٥ - الصفحة ١٦٢
* (ضلوا عنهم وذلك إفكهم وما كانوا يفترون (28) وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين (29)) * * وقوله: * (بل ضلوا عنهم) أي: ضلوا عن عبادة الأصنام ولم تنفعهم أبدا.
وقوله: * (وذلك إفكهم وما كانوا يفترون) أي: ذلك كذبهم وفريتهم.
قوله تعالى: * (وإذا صرفنا إليك نفرا من الجن...) الآية معناه: وجهنا وجوههم إليك، وأما سبب نزول الآية: وهو أن النبي لما دعا كفار مكة إلى الإسلام وأبوا أن يسلموا خرج إلى الطائف ليدعوهم إلى الإيمان، فلما رجع إلى مكة وكان ببطن نخلة، مر عليه أشراف من جن نصيبين وهو يصلي صلاة الصبح، ويقال: إنهم رأوه ببطن نخلة وهو عامد إلى عكاظ. واختلفوا في عددهم، فقال بعضهم: كانوا سبعة نفر. وقال بعضهم: كانوا تسعة نفر. ويقال: كان فيهم زوبعة. وقد ذكر في أسمائهم حسى ومسى ويسى وشاصر وناصر، والله أعلم. فلما سمعوا قراءة النبي اجتمعوا لسماعه. وفي التفسير أيضا: أن الجن كانوا يستمعون إلى السماء قبل زمان النبي؛ فلما كان زمان النبي رموا بالشهب، فاجتمعوا وقالوا: ما هذا إلا لأمر حدث في الأرض، فضربوا في الأرض يمينا وشمالا حتى وجدوا النبي ببطن نخلة يصلي ويقرأ القرآن وحوله الملائكة يحرسونه؛ فعرفوا أن ما حدث من الأمر كان لأجله '.
وقوله: * (فلما حضروه قالوا أنصتوا) أي: أسكت بعضهم بعضا، وروي أنه قال بعضهم لبعض: صه أي: اسكتوا.
وقوله: * (فلما قضى) معناه: فلما فرغ من القراءة.
وقوله: * (ولوا إلى قومهم منذرين) أي: محذرين، ويقال: ولوا دعاة إلى التوحيد. وقد قيل: إن الجن كانوا من جن الموصل، وهي نينوى بلدة يونس بن متى، ويقال: من حران، وقيل: غير ذلك.
قوله تعالى: * (قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى) فإن قيل: كيف
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»