تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٤ - الصفحة ٤٥٠
* (من شكله أزواج (58) هذا فوج مقتحم معكم لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار (59)) * * * ومعناه: هذا حميم وغساق فليذوقوه، وأما معنى الحميم فقد بينا، وهو الماء الحار الذي انتهى في الحرارة، وأما الغساق فهو القيح الذي يسيل من جلودهم، وعن السدي قال: الدموع التي تسيل من أعينهم، وحكى بعضهم عن ابن عباس: أنه الزمهرير يحرقهم ببرده، وحكى النقاش: أن الغساق هو المنتن بالتركية، فعرب، وقد قرئ بالتشديد والتخفيف، فبعضهم قال: لا فرق بينهما في المعنى، وبعضهم فرق بينهما ببعض الوجوه التي ذكرناها.
قوله تعالى: * (وأخر من شكله أزواج) وقرئ: ' وآخر من شكله '، فقوله: * (وأخر) يتناول العدد وقوله: * (وأخر) بالمد يتناول الواحد.
وقوله: * (من شكله) أي: مثله، وقوله: * (أزواج) أي: أصناف، وقيل: أنواع. قال الشاعر:
(لما اكتست من ضرب كل شكل * حمرا وخضرا كاخضرار البقل) ومعنى الآية: أن لأهل النار أنواعا أخر من العذاب على شكل ما سبق ذكره يعني: في الشدة.
قوله تعالى: * (هذا فوج مقتحم معكم) أي: فوج مقتحم معكم بعد الفوج الأول، والاقتحام هو الدخول، واختلف القول في الفوج الأول والفوج الثاني.
فأحد القولين: الفوج الأول هم بنو إسرائيل، والفوج الثاني هم بنو آدم، ويقال: الفوج الأول هم الرؤساء والقادة، والفوج الثاني هم الأتباع.
وقوله: * (لا مرحبا بهم) الرحب هو السعة، وقول القائل: لا مرحبا بفلان أي: لا رحبت أي: لا اتسعت عليه، قال الشاعر:
(إذا جئت بوابا له قال مرحبا * ألا مرحبا ناديك غير مضيق)
(٤٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 445 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 ... » »»