تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٤ - الصفحة ٣٤١
* (بالحق علام الغيوب (48) قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد (49) قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي إنه سميع قريب) * * قوله تعالى: * (قل جاء الحق) أي: القرآن، وقيل: الرسول.
وقوله: * (وما يبدئ الباطل) قال قتادة: الباطل هو الشيطان ها هنا أي: ما يبدئ الشيطان شيئا [* (وما يعيد)]. وفي الآية قول آخر: وهو أن الله تعالى يقذف بالحق على الباطل، فيذهب الباطل ولا يبقى منه بقية تبدئ شيئا أو تعيده. وقيل: الباطل هو الأصنام.
قوله تعالى: * (قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي) قال المفسرون: لما بعث رسول الله وجعل يعيب الأصنام، قال له المشركون: إنك قد ضللت بتركك دين آبائك؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقوله: * (فإنما أضل على نفسي) أي: إثم ضلالتي علي.
وقوله: * (وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي) أي: من القرآن والحجج.
وقوله: * (إنه سميع قريب) ظاهر المعنى.
قوله تعالى: * (ولو ترى إذ فزعوا) معناه: ولو ترى إذ فزعوا حين يبعثون، وفي الآية جواب محذوف، والمحذوف: ولو ترى إذا فزعوا حين يبعثون لرأيت عبرة يعتير بها، ويقال: ولو ترى إذ فزعوا أراد به وقت الموت.
وقوله: * (فلا فوت) أي: لا يفوتون من الله، كما قال الله في موضع آخر: * (ولات حين مناص).
وقوله: * (وأخذوا من مكان قريب) في التفسير: أخذوا من تحت أقدامهم. ويقال: أخذوا من بطن الأرض (إلى ظهرها).
(* (50) ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب (51) وقولوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد (52) وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان) * * قوله: * (وقالوا آمنا به) يعني: في القيامة، وقيل: عند الموت، وهو في معنى قوله تعالى: * (فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده).
وقوله: * (وأنى لهم التناوش) قال مجاهد وقتادة وكثير من المفسرين: التناوش هو التناول قال الشاعر:
(وهي تنوش الحوض نوشا من علا * نوشا به تقطع) أجواز الفلا) ومعنى الآية على هذا أنهم يريدون أن يتناولوا الإيمان، وقد بعد عنهم ذلك وفاتهم، فأنى لهم ذلك. وقرئ ' وأنى لهم التناوش ' بالهمز، وذكر أهل اللغة أن النئيش هو الحركة في إبطاء، فالمعنى على هذا أنه من أنى لهم حركتهم فيما لا حيلة لهم فيه. وعن ابن عباس قال: معنى قوله: * (وأنى لهم التناوش) أنهم يسألون الرد إلى الدنيا، وأنى لهم الرد.
وقوله: * (من مكان بعيد) أي: من الآخرة إلى الدنيا.
وقوله تعالى: * (وقد كفروا به من قبل) أي: بالقرآن، وقيل: بمحمد.
وقوله: * (من قبل) أي: في الدنيا.
وقوله: * (ويقذفون بالغيب) أي: يظنون ظن الغيب، ومعنى ظن الغيب: أنهم يقولون ما لا يعلمون؛ وقولهم فيما لا يعلمون هو أنهم قالوا: محمد ساحر، وكاذب، وكاهن، وشاعر، ويقال: قولهم فيما لا يعلمون أنهم يقولون: (لا بعث ولا جنة) ولا نار.
(٣٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 336 337 338 339 340 341 343 344 345 347 348 ... » »»