تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ١٠
* (يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين (9)) * * أرادوه صاروا كفارا؛ وإنما المراد من الضلال هاهنا: هو الخطأ (في تدبير) أمر الدنيا، وعنوا بذلك: أنا أولى بالمحبة في تدبير أمر الدنيا؛ لأنا أنفع له وأكبر من يوسف، ونصلح له أمر معايشه، ونرعى له مواشيه؛ فهو مخطىء من هذا الوجه.
قوله تعالى: * (اقتلوا يوسف) القتل: تخريب البنية على وجه لا يصح معها وجود الحياة.
وقوله: * (أو اطرحوه أرضا) أي: اطرحوه في أرض تأكله السباع، وقيل: اطرحوه إلى أرض يبعد عن أبيه ويبعد أبوه عنه. وقوله: * (يخل لكم وجه أبيكم) يعني: يخلص لكم وجه أبيكم. وقوله: * (وتكونوا من بعده قوما صالحين) يعني: توبوا بعد أن فعلتم هذا، ودوموا على الصلاح يعف الله عنكم.
واستدل أهل السنة بهذه الآية على أن توبة القاتل عمدا مقبولة؛ فإن الله تعالى ذكر عزم القتل [منهم] وذكر التوبة ولم ينكر عليهم التوبة بعد القتل؛ دل أنها مقبولة.
قال ابن إسحاق - يعني: محمد بن إسحاق -: وقد اشتمل فعلهم على جرائم، منها: قطيعة الرحم، وعقوق (الوالد)، وقلة الرأفة بالصغير الطريح الذي لا ذنب له، والغدر بالأمانة، وترك العهد بالحفظ، والكذب الذي عزموا عليه مع أبيهم يعقوب عليه الصلاة والسلام، ثم عفا الله عنهم مع هذا كله؛ لئلا ييأس أحد من رحمته. وقال بعض أهل العلم: إنهم عزموا على قتله؛ ولكن الله تعالى حبسهم عن قتله رأفة ورحمة بهم، ولو مضوا على قتله لهلكوا أجمعين.
قوله تعالى: * (قال قائل منهم) الأكثرون على أن هذا كان يهوذا، وكان أكبرهم
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»