تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ٤٢٩
* (هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من) * * وقوله: * (إن الله يفعل ما يشاء) أي: يكرم ويهين، ويشقي ويسعد، بمشيئته وإرادته، وهو اعتقاد أهل السنة.
قوله تعالى: * (هذان خصمان اختصموا في ربهم) في الآية أقوال: أحدها: أنها نزلت في أهل الكتاب (والمسلمين، قال أهل الكتاب): ديننا خير من دينكم، ونحن أحق بالله منكم؛ لأن نبينا وكتابنا أقدم، وقال المسلمون: نحن أولى بالله منكم، وديننا خير من دينكم؛ لأن كتابنا قاض على الكتب؛ ولأن نبينا خاتم النبيين، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وهذا قول قتادة وجماعة.
والثاني: ما روي عن محمد بن سيرن أنه قال: نزلت الآية في الذين بارزوا يوم بدر من المسلمين والمشركين، فالمسلمون هم: حمزة، وعلي، وعبيدة بن الحارث، والمشركون هم: شيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، فالآية نزلت في هؤلاء الستة، وكان أبو ذر يقسم بالله أن الآية نزلت في هؤلاء، ذكره البخاري في الصحيح.
والقول الثالث: أن الآية نزلت في جملة المسلمين والمشركين.
والقول الرابع: أنها نزلت في الجنة والنار اختصمتا، فقالت الجنة: خلقني الله؛ ليرحم بي، وقالت النار: خلقني الله؛ لينتقم بي، وهذا قول عكرمة، والمعروف القولان الأولان. قال ابن عباس: ذكر الله تعالى ستة أجناس في قوله: * (إن الذين آمنوا والذين هادوا...) الآية وجعل خمسة في النار وواحد للجنة فقوله: * (هذان خصمان) ينصرف إليهم، فالمؤمنون خصم، وسائر الخمسة خصم.
وقوله: * (اختصموا في ربهم) أي: جادلوا في ربهم.
وقوله: * (فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار) أي: نحاس مذاب، ويقال:
(٤٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 ... » »»