تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ٢٨٣
* (حيا (15) واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا (16) فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا (17) قالت إني أعوذ) * * الأم على وحشة شديدة، ويموت على وحشة شديدة، ويبعث على وحشة شديدة. ومعنى السلام هو: الأمان في هذه المواضع.
قوله تعالى: * (واذكر في الكتاب مريم إذا انتبذت من أهلها) أي: تنحت واعتزلت. وقوله: * (من أهلها) أي: من قومها.
وقوله: * (مكانا شرقيا) أي: من جانب المشرق، ويقال: كان يوما شاتيا شديد البرد، فذهبت إلى مشرقه تفلي رأسها. وروي أنها كانت طهرت من الحيض فذهبت لتغتسل.
قوله تعالى: * (فاتخذت من دونهم حجابا) اختلف القول في هذا الحجاب: أحد الأقوال: أنه وراء جدار، وقيل: وراء جبل، والقول الثالث: وراء ستر. وروي أنها كانت تجردت لتغتسل.
وقوله: * (فأرسلنا إليها روحنا) الأكثرون على أنه جبريل عليه السلام، وفيه قول آخر: أن المراد من الروح عيسى عليه السلام، جاء في صورة بشر، وحملت به، والصحيح هو القول الأول.
قوله تعالى: * (فتمثل لها بشرا سويا) في القصة: أنه جبريل جاء في صورة غلام أمرد وضىء الوجه، (له) جعد قطط.
قوله تعالى: * (قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا) يعني: أستجير بالرحمن منك إن كنت تقيا. فإن قيل: إنما يستعاذ بالرحمن من الشخص إذا كان فاجرا، فأما إذا كان متقيا لا يكون محل الاستعاذة منه؛ لأنه متقي لا يقدم على الفجور، والجواب عنه: أن هذا كقول القائل: إن كنت مؤمنا فلا تظلمني، يعني أنه ينبغي أن
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»