* (نسيا منسيا (23) فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا (24) وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا (25) فكلي واشربي وقري عنيا فإما ترين) * * النسي في اللغة: كمل ما (إذا) ألقي لم يذكر ونسي؛ لحقارته وخساسته. وقوله: * (نسيا) أي: متروكا. وعن ابن عباس قال: معناه: يا ليتني لم أخلق، ولم أك شيئا. وعن قتادة: لم أعرف ولم أذكر. وعن مجاهد قال: دم حيضة ملقاة.
فإن قيل: لم تمنت الموت؟. والجواب: أنها تمنت الموت استحياء من قومها. ويقال: إنها تمنت الموت، لأنها علمت أن الناس يكفرون بسبب ابنها وبسببها، فتمنت الموت حتى لا يعصى الله بسببها وبسبب ابنها.
قوله تعالى: * (فناداها من تحتها) قرىء: ' من ' بالفتح والكسر، فأما من قرأ بالفتح فحمل الآية على أن المنادي كان جبريل. وهذا قول ابن عباس وقتادة وجماعة، وأما من قرأ بالكسر فحمل على أن المنادي هو عيسى. وهذا قول الحسن ومجاهد، وأظهر القولين أن المنادي هو جبريل، ويجوز أن تحمل القراءتان على ذلك.
وفي القصة: أن مريم كانت على أكمة، فكان جبريل وراء الأكمة تحتها.
وقوله: * (ألا تحزني). ألا تغتمي بالولادة من غير زوج وبالوحدة.
وقوله: * (قد جعل ربك تحتك سريا) أكثر المفسرين أن السري هاهنا هو: النهر، ويسمى سريا؛ لأنه يسري فيه الماء، وقال إبراهيم النخعي: هو نهر صغير.
وفي القصة: أنه كان هناك نهر يابس فأجرى الله تعالى فيه الماء، والدليل على صحة هذا القول أن الله تعالى قال في الآية الأخرى: * (فكلي واشربي) أي: كلي من الرطب، واشربي من النهر، وقال الشاعر في السري بمعنى النهر:
(سهل الخليفة ماجد ذي نائل * مثل السري عدة الأنهار) وفي السري قول آخر، وهو أنه بمعنى: الشريف، والمراد به. عيسى. قال بعض المتأخرين: