تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ٢٦٥
* (الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا (73) ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا (74)) * * الله تعالى هذه الآية ' والقول الثالث: أن أهل الطائف لما جاءوا إلى النبي ليسلموا، وكان استصعب عليه أمرهم، وحاصرهم بضع عشرة ليلة، ولم يفتح، فلما جاءوا قالوا للنبي: نسلم بشرط أن لا نركع، وأن تمتعنا باللات سنة من غير أن نعبدها، وذكروا غير هذا، فقال: ' أما ترك الركوع فلا خير في دين لا ركوع فيه، وأما اللات فلا أترك وثنا بين المسلمين؛ فراجعوه في أمر اللات، وقالوا: لتتحدث العرب زيادة كرامتنا عليك، فسكت النبي، فطمع القوم عند سكوته، فأنزل الله تعالى هذه الآية ' وهذا قول معروف.
وقوله: * (لتفتري علينا غيره) أي: تقول علينا غير ما أنزلناه عليك. وقوله: * (وإذا لاتخذوك خليلا) أي: صاحبا ووديدا.
قوله تعالى: * (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهن شيئا قليلا) معنى كاد أي: قرب، وكدت أي: قربت من الفعل.
وقوله: * (شيئا قليلا) في موضع المصدر كأنه قال: لقد كدت تركن إليهم ركونا. فإن قيل: النبي كان معصوما من الشرك والكبائر، فكيف يجوز أن يقرب مما طلبوه منه؛ والذي طلبوه منه كفر؟
الجواب من وجهين: أحدهما: أنا نعتقد أن الرسول معصوم من الشرك والكبائر، ونحمل على أن ما وجد منه كان هما من غير عزم، وقد قال النبي: ' إن الله تعالى وضع عن أمتي ما حدثت به نفسها ما لم تتكلم به أو تعمل ' وفي الجملة الله
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»