تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ٤٦٨
* (إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين (119) وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في) * * الناس على دين واحد.
وقوله: * (ولا يزالون مختلفين) المراد منه: أهل الباطل كاليهود والنصارى والمجوس وأهل الشرك، وكذلك من خالف السنة من أهل القبلة.
وقوله: * (إلا من رحم ربك) أي: لكن من رحم ربك، وهم أهل الحق لا يختلفون. وقوله: * (ولذلك خلقهم) فيه أقوال:
أحدها: ما روي عن مجاهد أنه قال: وللرحمة خلقهم. وهو مروي عن ابن عباس. وقال الحسن البصري: وللاختلاف خلقهم. وهو أيضا مروي عن ابن عباس، وعن الحسن البصري في رواية أخرى: خلق أهل الجنة للجنة، وخلق أهل النار للنار، وخلق أهل الشقاء للشقاء، وخلق أهل السعادة للسعادة.
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: إن الذي أختاره في معنى الآية: أنه خلق فريقا للرحمة وفريقا للعذاب. قال: وعليه أهل السنة.
وذكر بعضهم: أن مقصود الآية هو أن أهل الباطل مختلفون، وأهل الحق متفقون، وخلق أهل الباطل للاختلاف، وخلق أهل الحق للاتفاق.
قال النحاس: وهذا أبين الأقوال وأسرحها.
واستدل أبو عبيد على ما زعم من المعنى بقوله تعالى: * (وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين) قال: ومعناه: وتم حكم ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين.
وقد ثبت عن النبي أنه قال - حاكيا عن الله محاجة الجنة والنار، فقال للجنة: ' أنت رحمتي أرحم بك من شئت من عبادي، وقال للنار: أنت عذابي أعذب بك من شئت، ولكل واحدة منكما ملؤها '.
(٤٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 460 461 462 463 464 465 466 467 468 469 471 » »»