تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ٢٩٤
* (حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون (17) إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين (18) أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله) * * وفيه قول آخر: أن معنى قوله: * (شاهدين على أنفسهم بالكفر) هو أنك تقول لليهودي: ما أنت؟ فيقول: يهودي، وتقول للنصراني: ما أنت؟ فيقول: نصراني، وكذلك المجوسي والمشرك.
قوله تعالى: * (أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون) الحبوط: هو البطلان، وخالدون: دائمون.
قوله تعالى: * (إنما يعمر مساجد الله) سبب نزول الآية: أن العباس - رضي الله عنه - لما أسر يوم بدر عيره أصحاب رسول الله بترك الإسلام والهجرة، فقال: نحن عمار المسجد الحرام وسقاة الحجيج.
وفي رواية: أنه لما أسلم قال للمسلمين: لئن سبقتمونا بالإسلام فقد كنا نعمر المسجد الحرام، ونسقي الحجيج، فأنزل الله تعالى هذه الآية * (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله) معناه: لم يترك الإيمان بالله من خشية أحد * (فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين) وعسى من الله واجب. فإن قال قائل: أتقولون: إن كل من عمر مسجدا بكون هكذا على ما قال الله تعالى؟
قلنا: معنى الآية - والله أعلم - أن من كان بهذه الأوصاف كان أهل عمارة المسجد الحرام، ولا يعمر المسجد الحرام إلا من استجمع هذه الأوصاف، وعمارة المسجد الحرام بذكر الله، والرغبة إليه، والدعاء، والصلاة وغيره.
قوله تعالى: * (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله) أكثر المفسرين على أن هذه الآية نزلت في علي والعباس - رضي الله عنهما - وكان الذي عير العباس بترك الإسلام
(٢٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 ... » »»