* (الأبصار وهو اللطيف الخبير (103) قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ (104) وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست) * * كما أنه يعلم ويعرف ولا يحاط به، كما قال: * (ولا يحيطون به علما) فنفى الإحاطة مع ثبوت العلم، وقال ابن عباس - حكاه مقاتل عنه، والأول قول الزجاج -: معنى قوله: * (لا تدركه الأبصار) يعني: في الدنيا، هو يرى الخلق، ولا يراه الخلق في الدنيا بدليل قوله - تعالى -: * (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) فكما أثبتت الرؤية بتلك الآية في الآخرة؛ دل أن المراد بهذه الآية الإدراك في الدنيا؛ ليكون جمعا بين الآيتين * (وهو اللطيف الخبير) اللطيف: موصل الشيء باللين والرفق، ويقال في الدعاء: ' رب الطف بي ' أي: أوصل إلي الرفق، وقيل: معناه: وهو اللطيف بأوليائه وعباده الخبير بهم.
قوله - تعالى -: * (قد جاءكم بصائر من ربكم) البصائر: البينات * (فمن أبصر فلنفسه) يعني: نفع بصره له * (ومن عمي فعليها) أي: وبال العمى عليها * (وما أنا عليكم بحفيظ) أي: ما أمرت أن ألازمكم حتى تسلموا لا محالة، قيل: هذا كان في الابتداء، ثم صار منسوخا بآية السيف.
قوله - تعالى -: * (وكذلك نصرف الآيات) أي: نفصل الآيات، مرة هكذا، ومرة هكذا * (وليقولوا درست) قيل: هذه ' لام العاقبة ' أي: عاقبة أمرهم أن يقولوا: درست، وهذا مثل قوله - تعالى -: * (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا) ومعلوم أنهم لم يلتقطوه لهذا، ولكن أراد أن عاقبة أمره معهم أن كان عدوا لهم؛ فيسمون ذلك لام العاقبة، كذلك ها هنا، وقوله: * (درست) يقرأ على وجوه: ' درست ' أي: تعلمت من غيرك، وكانوا يقولون: إنه تعلم أخبار القرون الماضية من جبر، ويسار، وكان عبدين سبيا من الروم، ويقرأ ' دارست ' أي تاليت وقاربت، وهو