تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ١٣٢
* (كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل (102) لا تدركه الأبصار وهو يدرك) * * ذكره من نعت الوحدانية * (فاعبدوه) أي: فأطيعوه * (وهو على كل شيء وكيل) قيل: هو الكفيل بالأرزاق، وقيل: الوكيل هاهنا بمعنى: القائم بخلق كل شيء وتدبيره.
قوله - تعالى 0: * (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) واستدل بهذه الآية من يعتقد نفي الرؤية، قالوا: لما (تمدح) بأنه لا تدركه الأبصار؛ فمدحه يكون على الأبد في الدنيا والآخرة. واعلم أن الرؤية حق على مذهب أهل السنة، وقد ورد به القرآن والسنة.
قال الله - تعالى -: * (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) وقال: * (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون).
وقال: * (فمن كان يرجو لقاء ربه) ونحو هذا، وروى جرير بن عبد الله البجلي، وغيره بروايات صحيحة عن النبي أنه قال: ' إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب، لا تضامون في رؤيته ' ويروون: ' لا تضارون في رؤيته '.
فأما قوله - تعالى -: * (لا تدركه الأبصار) فالإدراك غير الرؤية؛ لأن الإدراك: هو الوقوف على كنه الشيء وحقيقته، والرؤية: هي المعاينة، وقد تكون الرؤية بلا إدراك، قال الله - تعالى - في قصة موسى: * (فلما ترآء الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا) فنفى الإدراك مع إثبات الرؤية، وإذا كان الإدراك غير الرؤية، فالله - تعالى - يجوز أن يرى، ولكن لا يدرك كنهه؛ إذ لا كنه له حتى يدرك؛ وهذا
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»