تفسير السمعاني - السمعاني - ج ١ - الصفحة ٤٨١
* (مبينا (119) يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا (120) أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا (121) والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من) * * معناه: أمنينهم طول العمر في النعيم؛ ليؤثروا الدنيا على الآخرة، وقال الزجاج: معناه: أمنيهم إدراك الآخرة مع ركوب المعاصي.
* (ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام) أراد به: البحيرة التي تأتي في سورة المائدة، والبتك: القطع، والمراد به: شق الآذان، * (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله) قال ابن عباس في إحدى الروايتين، وهو قول مجاهد: معناه: فليغيرن دين الله، أي: وضع الله في الدين: بتحليل الحرام، وتحريم الحلال، ونحو ذلك، والرواية الثانية عن ابن عباس وهو قول أنس، وعكرمة: أراد به: إخصاء الأنعام، وكان أنس يكره إخصاء البهائم من أجل هذا، وكان يجيزه الحسن، وقال ابن مسعود: أراد به الوشم، ويحتمل أن يكون المراد به تغير الأنساب؛ وذلك أن ينتقل من نسب إلى نسب، ويحتمل أن يكون المراد به: الخضاب بالسواد، وهو منهي عنه، وإنما الخضاب المباح بالحمرة، والصفرة * (ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله) أي: يواليه باتباعه * (فقد خسر خسرانا مبينا).
قوله تعالى: * (يعدهم) وعده قد يكون بالتخويف كما قال الله تعالى * (الشيطان يعدكم الفقر) وقيل: أنه يتمثل في صورة الآدمي، فيعد، ويمنى، وكان قد ظهر يوم بدر في صورة سراقة بن مالك بن جعشم وظهر في اليوم الذي اجتمعت فيه قريش، وتشاوروا في إخراج النبي، في صورة شيخ من نجد.
وقوله * (ويمنيهم) قد ذكرنا، ومن ذلك تمنى الإنسان قضاء الشهوات.
واعلم أن الإنسان لا يؤاخذ بغلبة الشهوة، واشتهاء الشهوات؛ لأن ذلك شئ جبل عليه، ويؤاخذ بالتمني، وذلك أن يتمنى خمرا ليشربه، أو امرأة؛ ليزني بها، فذلك من المعصية، ويؤاخذ به * (وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) الغرور: إيهام الوصول إلى النفع من موضع الضر * (أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا) أي: معدلا.
(٤٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 476 477 478 479 480 481 482 483 484 485 486 ... » »»