تفسير السمعاني - السمعاني - ج ١ - الصفحة ٤٦٤
* (مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد) * * الكفر توبة؛ فمن القتل أولى، وأما الذي روى عن ابن عباس، فعلى سبيل التشديد والمبالغة في الزجر عن القتل، وهو مثل ما روى عن سفيان بن عيينة أنه قال: إن لم يقتل يقال له: لا توبة لك، منعا له عن القتل، وإن قتل يقال له: لك توبة، حتى يتوب. وروى أن رجلا جاء إلى ابن عباس وسأله: هل لقاتل المؤمن توبة، قال: لا، فجاءه آخر، وسأله عن ذلك، فقال: نعم، له توبة، فقيل له في ذلك، فقال: إن الأول لم يكن قتل؛ فمنعته عن القتل، وإن الثاني؛ قتل؛ فأرشدته إلى التوبة.
واعلم أن لا متعلق في هذه الآية لمن يقول بالتخليد في النار لأهل الكبائر من المسلمين؛ لأنا إن نظرنا إلى سبب نزول الآية، فالآية نزلت في قاتل كافر كما بينا، وقيل: إنه فيمن يقتل مستحلا، والأولى أن تقول فيه ما قاله أبو صالح: إن معنى قوله: * (فجزاؤه جهنم خالدا فيها) إن جازى، وبه نقول: إن الله تعالى إن جازاه ذلك خالدا، فهو جزاؤه، ولكنه ربما لا يجازي، وقد وعد أن لا يجازى ويغفر لمن يشاء، وهو لا يخلف الميعاد، وحكى عن قريش بن أنس رحمه الله أنه قال: كنت في مجلس فيه عمرو بن عبيد، فقال: لو قال الله لي يوم القيامة: لم قلت بتخليد القاتل المتعمد في النار؟ فأقول له: أنت الذي قلت: * (فجزاؤه جهنم خالدا فيها) قال قريش: وكنت أصغر القوم، فقلت له: أرأيت لو قال الله تعالى لك: ألست قلت * (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) فمن أين علمت أنى لم أشأ مغفرة القاتل؟ فسكت ولم يستطع الجواب.
وحكى أن عمرو بن عبيد جاء إلى أبي عمرو بن العلاء رحمه الله وقال له: هل يخلف الله وعده؟ فقال: لا، فقال: أليس قد قال الله تعالى: * (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها) فأنا على هذا؛ لأنه لا يخلف وعده، فقال أبو عمرو: ومن العجمة أتيت يا أبا عثمان؛ إن العرب لا تعد الإخلاف في الوعيد خلفا
(٤٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 469 ... » »»