يضيعه، قال عبد المطلب: يا أيها الهاتف ومن لنا به وأين هو؟، قال بوادي تهامة عند شجرة اليمن.
فأقبل عبد المطلب راكبا متسلحا، فلما صار في بعض الطرق تلقاه ورقة بن نوفل فصارا جميعا يسيران، فبينما هم كذلك إذ النبي صلى الله عليه وسلم قائم تحت شجرة يجذب الأغصان ويعبث بالورق، قال له عبد المطلب: من أنت يا غلام؟
قال: أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، قال عبد المطلب: فدتك نفسي وأنا جدك، ثم حمله على قربوس سرجه ورده إلى مكة واطمأنت قريش بعد ذلك.
وقال سعيد بن المسيب: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عمه أبي طالب في قافلة ميسرة غلام خديجة، فبينما هو راكب ذات ليلة ظلماء على ناقة إذ جاء إبليس، وأخذ بزمام الناقة فعدل به عن الطريق، فجاء جبرائيل فنفخ إبليس نفخة وقع منها إلى الحبشة ورده إلى القافلة، فمن الله عليه بذلك.
وقيل: وجدك ضالا ليلة المعراج حين انصرف عنك جبرائيل لا تعرف الطريق، فهداك إلى ساق العرش.
أخبرني ابن فنجويه قال: حدثني ابن حبيش قال: قال بعض أهل الكلام في قوله: " * (ووجدك ضالا فهدى) *): إن العرب إذا وجدت شجرة في فلاة من الأرض وحيدة ليس معها ثانية يسمونها: ضالة، فيهتدون بها إلى الطريق.
قال: " * (ووجدك ضالا فهدى) *) أي وحيدا ليس معك نبي غيرك فهديت بك الخلق إلي، وقال عبد العزيز بن يحيى ومحمد بن علي الترمذي: ووجدك خاملا لا تذكر ولا تعرف من أنت، فهداهم إليك حتى عرفوك، وأعلمهم بما من به عليك.
قال بسام بن عبد الله: ووجدك ضالا نفسك لا تدري من أنت فعرفك نفسك وحالك، وقال أبو بكر الوراق وغيره: ووجدك ضالا بحب أبي طالب فهداك إلى حبه، وغيره: وجدك محبا فهداك إلى محبوبك، دليله قوله سبحانه، إخبارا عن إخوة يوسف " * (إن أبانا لفي ضلال مبين) *) وقوله سبحانه: " * (تالله إنك لفي ضلالك القديم) *) اي فرط الحب ليوسف.
وقيل: وجدناك ناسيا شأن الاستثناء حين سئلت عن أصحاب الكهف وذي القرنين والروح، دليله قوله " * (أن تضل إحداهما) *) أي تنسى، وقال سهل: وجد نفسك نفس الشهوة