تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ١٠ - الصفحة ٢٢٣
المشركون: إن محمدا ودعه ربه وقلاه، ولو كان أمره من الله لتتابع عليه كما كان يفعل بمن قبله من الأنبياء.
وقال المسلمون: يا رسول الله أما ينزل عليك الوحي؟ فقال: (وكيف ينزل علي الوحي وأنتم لا تنقون براجمكم ولا تقلمون أظفاركم)، فأنزل الله سبحانه جبرائيل (عليه السلام) بهذه السورة فقال النبي صلى الله عليه وسلم (يا جبرائيل ما جئت حتى اشتقت إليك)، فقال جبرائيل (عليه السلام): وأنا كنت إليك أشد شوقا ولكني عبد مأمور وما ننزل إلا بأمر ربك.
أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال: حدثنا أبو أسامة، عن سفيان، عن الأسود بن قيس، أنه سمع جندب بن سفيان يقول: رمي النبي صلى الله عليه وسلم بحجر في إصبعه، فقال:
(هل أنت إلا إصبع دميت وفي سبيل الله مالقيت) فمكث ليلتين أو ثلاثا لا يقوم (الليل)، فقالت له امرأة: يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك، لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاث ليال. وقيل: إن المرأة التي قالت ذلك أم جميل امرأة أبي لهب، فأنزل الله سبحانه " * (والضحى) *). يعني النهار كله، دليله قوله " * (والليل إذا سجى) *) فقابله بالليل، نظيره قوله " * (أن يأتيهم بأسنا ضحى) *) أي نهارا، وقال قتادة ومقاتل: يعني وقت الضحى، وهي الساعة التي فيها ارتفاع الشمس، واعتدال النهار من الحر والبرد في الشتاء والصيف، وقيل: هي الساعة التي كلم الله فيها موسى، وقيل: هي الساعة التي ألقي السحرة فيها سجدا، بيانه قوله سبحانه: " * (وأن يحشر الناس ضحى) *) وقال أهل المعاني فيه وفي أمثاله: بإضمار الرب مجازه: ورب الضحى.
" * (والليل إذا سجى) *) قال الحسن: أقبل بظلامه، وهي رواية العوفي عن ابن عباس، الوالبي عنه: إذا ذهب الضحاك: غطى كل شيء، مجاهد وقتادة وابن زيد: سكن بالخلق واستقر ظلامه، يقال: ليل ساج، وبحر ساج إذا كان ساكنا، قال الراجز:
يا حبذا القمراء والليل الساج وطرق مثل ملاء النساج وقال أعشى بني ثعلبة:
فما ذنبنا إن جاش بحر ابن عمكم وبحرك ساج ما يواري الدعامصا
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»