قال أبو عبيد: وكان عيسى بن عمر يجعلها حرفين حرفين ويقف على: كالوا ووزنوا، ثم يبتدئ فيقول: هم يخسرون، قال: وأحسب قراءة حمزة أيضا كذلك، قال أبو عبيد: والاختيار أن يكون كلمة واحدة من جهتين: إحداهما: الخط، وذلك أنهم كتبوها بغير ألف، ولو كانتا مقطوعتين لكانتا كالوا ووزنوا بالألف على ما كتبوا الأفعال كلها مثل: فاءوا وجاءوا (...) المصاحف إلا على إسقاطها.
والجهة الأخرى: أنه يقال: كلتك ووزنتك بمعنى كلت لك ووزنت لك، وهو كلام عربي كما يقال: صدتك وصدت لك وكسبتك وكسبت لك ومثله كثير.
" * (يخسرون) *) ينقصون.
حدثنا أبو محمد المخلدي قال: أخبرنا ابن الشرقي قال: حدثنا عبد الرحمن بن بشر قال: حدثنا علي بن الحسين بن واقد، قال: حدثني أبي قال: حدثني يزيد النحوي أن عكرمة حدثه عن ابن عباس قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا، فأنزل الله سبحانه " * (ويل للمطففين) *) فأحسنوا الكيل.
وقال القرطبي: كان بالمدينة تجار يطففون وكانت بياعتهم كشبه القمار والمنابذة والملامسة والمخاطرة فأنزل الله سبحانه هذه الآية. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السوق وقرأها عليهم، وقال السدي: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وبها رجل يقال له أبو جهينة ومعه صاعان يكيل بأحدهما ويكتال بالآخر فأنزل الله سبحانه هذه الآية.
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدثنا بن يوسف قال: حدثنا ابن عمران قال: حدثنا أبو الدرداء، عبد العزيز (بن منيب) قال: حدثنا إسحاق بن عبد الله بن كيسان عن أبيه عن الضحاك ومجاهد وطاووس عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خمس لخمس) قالوا: يا رسول الله وما خمس لخمس؟ قال: (ما نقض قوم العهد إلا سلط عليهم عدوهم، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر، وما ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت، ولا طففوا الكيل إلا منعوا النبات وإخذوا بالسنين، ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر).
وأخبرني بن فنجويه قال: حدثنا ابن ماجة قال: حدثنا ابن أيوب قال: حدثنا القصواني قال: حدثنا سنان بن حاتم قال: حدثنا حفص قال: حدثنا مالك بن دينار قال: دخلت على جار لي وقد نزل به الموت فجعل يقول: جبلين من نار جبلين من نار، قال: قلت: ما تقول أتهجر؟ قال: يا أبا يحيى كان لي مكيالان، كنت أكيل بأحدهما وأكتال بالآخر، قال: فقمت فجعلت