تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ٢٦٨
فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثة من أصحابه، وخرج ثلاثة من اليهود، واشتملوا على الخناجر وأرادوا الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلت امرأة ناصحة من بني النضير إلى أخيها وهو رجل مسلم من الأنصار فأخبرته بما أراد بنو النضير من الغدر برسول الله (عليه السلام)، فأقبل أخوها سريعا حتى أدرك النبي صلى الله عليه وسلم فساره بخبرهم قبل أن يصل النبي صلى الله عليه وسلم فرجع النبي صلى الله عليه وسلم (عليه السلام).
فلما كان الغد عدا عليهم بالكتائب فحاصرهم إحدى وعشرين ليلة، فلما قذف الله سبحانه في قلوبهم الرعب، وأيسوا من نصر المنافقين سألوا نبي الله (عليه السلام) الصلح فأبى عليهم (إلا) أن يخرجوا من المدينة على ما يأمرهم به النبي صلى الله عليه وسلم فقبلوا ذلك، وصالحهم على الإجلاء، وعلى أن لهم ما أقلت الإبل من أموالهم إلا الحلقة وهي السلاح، وعلى أن يخلوا له ديارهم وعقارهم وسائر أموالهم.
وقال ابن عباس: صالحهم على أن يحمل كل أهل ثلاثة أبيات على بعير ما شاؤوا من متاعهم، وللنبي صلى الله عليه وسلم ما بقي.
وقال الضحاك: أعطى كل ثلاثة نفر بعيرا وسقاء، ففعلوا ذلك وخرجوا من المدينة إلى الشام إلى أذرعات وأريحا إلا أهل بيتين منهم: آل أبي الحقيق وآل حيي بن أخطب، فإنهم لحقوا بخيبر، ولحقت طائفة منهم بالحيرة، فذلك قوله سبحانه وتعالى: " * (هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب) *) يعني بني النضير " * (من ديارهم) *) التي كانت بيثرب.
قال ابن إسحاق: كان إجلاء بني النضير مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من أحد وكان فتح قريظة عند مرجعه من الأحزاب وبينهما سنتان.
" * (لأول الحشر) *) قال الزهري: كانوا من سبط لم يصبهم جلاء فيما مضى، وكان الله سبحانه قد كتب عليهم الجلاء، ولولا ذلك لعذبهم في الدنيا وكانوا أول حشر في الدنيا حشروا إلى الشام.
قال ابن عباس: من شك أن المحشر بالشام فليقرأ هذه الآية؛ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم (عليه السلام) قال لهم يومئذ: (اخرجوا). قالوا: إلى أين؟ فقال: (إلى أرض المحشر)، فأنزل الله سبحانه " * (لأول الحشر) *).
وقال الكلبي: إنما قال: " * (لأول الحشر) *)؛ لأنهم أول من حشروا من أهل الكتاب ونفوا من الحجاز.
وقال مرة الهمداني: كان هذا أول الحشر من المدينة، والحشر الثاني من خيبر وجميع
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»