تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٩ - الصفحة ١٤١
قال: حدثنا جدي لأمي محمد بن عبد الله بن مرزوق، قال: حدثنا عفان بن مسلم قال: حدثنا همان بن عبد الله بن شفيق قال: قلت لأبي ذر: لو رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لسألته، قال: وعما كنت تسأله؟ قلت: كنت أسأله: هل رأى ربه عز وجل؟ قال: فإني قد سألته فقال: (قد رأيت نورا، أنى أراه؟).
وكذلك روي عن أبي سعيد الخدري أنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم " * (ما كذب الفؤاد ما رأى) *) قال: (رأيت نورا)، ومثله روى مجاهد وعكرمة عن ابن عباس.
وقد ورد في هذا الباب حديث جامع وهو ما أخبرني الحسين بن الحسن، قال: حدثنا ابن حبش، قال: أخبرنا علي بن زنجويه، قال: حدثنا سلمة بن عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيينة عن مجالد عن سعيد عن الشعبي عن عبد الله بن الحرث قال: اجتمع ابن عباس وكعب فقال ابن عباس: أما نحن بنو هاشم فنقول: إن محمدا رأى ربه مرتين، وقال ابن عباس يحبون أن تكون الخلة لإبراهيم والكلام لموسى والرؤية لمحمد. قال: فكبر كعب حتى جاوبته الجبال، ثم قال: إن الله سبحانه قسم رؤيته وكلامه بين محمد وموسى ج، فكلمه موسى ورآه محمد.
قال مجالد: وقال الشعبي: فأخبرني مسروق أنه قال لعائشة خ: يا أمتاه، هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه تعالى قط؟، قالت: إنك لتقول قولا، إنه ليقف منه شعري، قال: قلت: رويدا فقرأت عليها: " * (والنجم إذا هوى) *) حتى " * (قاب قوسين أو أدنى) *). فقالت: رويدا، أين يذهب بك؟ إنما رأى جبريل في صورته. من حدثك أن محمدا رأى ربه فقد كذب، والله عز وجل يقول: " * (لا تدركه الأبصار) *)، ومن حدثك أنه يعلم الخمس من الغيب فقد كذب، والله سبحانه يقول: " * (إن الله عنده علم الساعة) *) الآية، ومن حدثك أن محمدا كتم شيئا من الوحي فقد كذب، والله عز وجل يقول: " * (بلغ ما أنزل إليك من ربك) *) الآية.
قال عبد الرزاق: فذكرت هذا الحديث لعمر، فقال: ما عائشة عندنا بأعلم من ابن عباس.
" * (أفتمارونه على ما يرى) *) أي: رأى.
قرأ علي وابن مسعود وابن عباس وعائشة ومسروق والنخعي وحمزة والكسائي وخلف ويعقوب " * (أفتمراونه) *) بفتح الباء من غير ألف على معنى أفتجحدونه، واختاره أبو عبيد، قال: لأنهم لم يماروه وإنما يجحدونه، يقول العرب: مريت الرجل حقه إذا جحدته. قال الشاعر:
لئن هجرت أخا صدق ومكرمة لقد مريت أخا ما كان يمريكا
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»