تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٨ - الصفحة ٢٥٦
في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله) *): (من الذين لم يشاء الله تعالى أن يصعقهم؟).
قال: هم الشهداء متقلدون حول عرشه تتلقاهم الملائكة يوم القيامة إلى المحشر بنجائب من ياقوت أزمتها الدر برحائل السندس والإستبرق نمارها ألين من الحرير، مد خطاها مد أبصار الرجال يسيرون في الجنة يقولون عند طول البرهة: انطلقوا إلى ربنا لننظر كيف يقضي بين خلقه، فيضحك إليهم إلهي عز وجل، فإذا ضحك إلى عبد في موطن فلا حساب عليه.
أخبرنا ابن فنجويه حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الحسن بن يحيويه حدثنا عمرو بن ثور وإبراهيم بن أبي سفيان قالا:
حدثنا محمد بن يوسف الفربابي حدثنا سليمان بن حيان عن محمد بن إسحاق عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال: تلا رسول الله (عليه السلام) * * (ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله) *) قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين استثنى الله تعالى؟
قال: (هو جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت قال: فيقول يا ملك الموت خذ نفس إسرافيل. فيقول: يا ملك الموت من بقي؟ فيقول: سبحانك ربي وتعاليت ذا الجلال والإكرام بقي جبرئيل وميكائيل وملك الموت. فيقول: يا ملك الموت خذ نفس ميكائيل. فيأخذ نفس ميكائيل فيقع كالطود العظيم. فيقول: يا ملك الموت من بقي؟ فيقول: سبحانك ربي تباركت وتعاليت ذا الجلال والإكرام بقي جبرئيل وملك الموت.
فيقول: مت يا ملك الموت فيموت. فيقول: يا جبرئيل من بقي؟ فيقول: تباركت وتعاليت ذا الجلال والإكرام وجهك الباقي الدائم وجبرئيل الميت الفاني قال: فيقول: يا جبرئيل لابد من موتك، فيقع ساجدا يخفق بجناحيه فيقول: سبحانك ربي تباركت وتعاليت ذا الجلال والإكرام).
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن فضل خلقه على خلق ميكائيل كالطود العظيم على الضرب من الضراب).
أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد بن جعفر حدثنا حاجب بن أحمد بن يرحم حدثنا محمد بن حماد حدثنا محمد بن الفضيل عن سليمان التيمي عن أبي نصرة عن جابر في قوله تعالى: " * (ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله) *) قال: موسى ممن استثنى الله تعالى، وذلك بأنه قد صعق مرة.
يدل عليه ما أخبرنا عقيل بن أحمد: أن أبا الفرج البغدادي القاضي أخبرهم عن محمد بن جرير حدثنا أبو كريب حدثنا عبدة بن سليمان حدثنا محمد بن عمرو حدثنا أبو سلمة عن أبي هريرة قال: قال يهودي بسوق المدينة: والذي اصطفى موسى على البشر، قال: فرفع رجل من الأنصار يده فصك بها وجهه فقال: تقول هذا وفينا رسول الله.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم * (* (ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله) *) فاكون أنا أول من يرفع رأسه، فإذا موسى أخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أرفع رأسه قبلي أو كان ممن استثنى الله تعالى).
وقال كعب الأحبار: هم إثنا عشر، حملت العرش وجبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت.
الضحاك: هم رضوان والحور ومالك والزبانية.
قتادة: الله أعلم بثنياه.
الحسن: (إلا من شاء الله) يعني الله وحده. وقيل: عقارب النار وحياتها، " * (ثم نفخ فيه) *) أي في الصور " * (أخرى) *) مرة أخرى " * (فإذا هم قيام) *) من قبورهم " * (ينظرون) *) يعني ينظرون إلى البعث.
وقيل: ينتظرون أمر الله تعالى فيهم.
قالت العلماء: ووجه النفخ في الصور أنه علامة جعلها الله تعالى ليتصور بها العاقل وأخذ الأمر، ثم تجديد الخلق.
" * (وأشرقت) *) وأضاءت " * (الأرض) *).
وقرأ عبيد بن عمير: (وأشرقت) على لفظ ما لم يسم فاعله كأنها جعلت مضيئة.
" * (بنور ربها) *) قال أكثر المفسرين: بضوء ربها، وذلك حين يبرز الرحمن لفصل القضاء بين خلقه فما يتضارون في نوره إلا كما يتضارون في الشمس في اليوم الصحو الذي لا دخن فيه.
وقال الضحاك: بحكم ربها
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»