تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٨ - الصفحة ٢٥١
" * (ولتكونن من الخاسرين) *) ثم دله على التوحيد فقال عز من قائل: " * (بل الله فاعبد وكن من الشاكرين) *) لله تعالى على نعمة الايمان " * (وما قدروا الله حق قدره) *) حين أشركوا به غيره، ثم خبر عن عظمته فقال " * (والأرض جميعا قبضته) *) أي ملكه " * (يوم القيامة) *) بلا مانع ولا منازع ولا مدع، وهي اليوم أيضا ملكه، ونظيره قوله تعالى: " * (ملك يوم الدين) *) و " * (ولمن الملك اليوم) *).
قال الأخفش: هذا كما يقال خراسان في قبض فلان، ليس أنها في كفه وإنما معناه ملكه.
" * (والسماوات مطويات بيمينه) *) للطي معان منها: الإدراج كطي القرطاس والثوب بيانه يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب، ومنه الإخفاء كما تقول: طويت فلانا عن الأعين، وأطو هذا الحديث عني أي استره.
ومنه: الإعراض يقال: طويت عن فلان أو أعرضت عنه.
ومنه: الافناء، تقول العرب: طويت فلانا بسيفي، أي أفنيته.
وقراءة العامة: مطويات بالرفع. وقرأ عيسى بن عمر: بالكسر ومحلها النصب على الحال والقطع، وإنما يذكر اليمين للمبالغة في الاقتدار.
وقيل: هو معنى القوة، كقول الشاعر:
تلقاها عرابة باليمين وقيل: اليمين بمعنى القسم، لأنه حلف أنه يطويها ويفنيها. وهو اختيار علي بن مهدي الطبري قال: معناه مضنيات بقسمه.
حكى لي أستاذنا أبو القاسم بن حبيب عنه ثم نزه نفسه، وقال تعالى: " * (سبحانه وتعالى عما يشركون) *) ثم أتى ذاكر بعض ما ورد من الآثار في تفسير هذه الآية.
أخبرنا عبد الله بن حامد بقرائتي عليه حدثنا محمد بن جعفر المطري حدثنا علي بن حرب الموصلي حدثنا ابن فضيل حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا القاسم ان الله يمسك السماوات على أصبع، والأرضين على أصبع، والجبال على إصبع، والشجر على إصبع، والخلائق على إصبع، ثم يقول هكذا بيده.
فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قال: (وما قدروا الله حق قدره)
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»