تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٨ - الصفحة ١٩٢
بين القلوب، سبحان خالق النور، إلهي خليت بيني وبين عدوي إبليس، فلم أقم لفتنته إذ نزلت بي، سبحان خالق النور، إلهي تبكي الثكلى على ولدها إذا فقدته وداود يبكي على خطيئته، سبحان خالق النور، إلهي لم اتعظ بما وعظت به غيري، سبحان خالق النور، إلهي أنت خلقتني، وكان في سابق علمك ما أنا إليه صائر، سبحان خالق النور، إلهي يغسل الثوب فيذهب درنه ووسخه والخطيئة لازمة بي لا تذهب عني، سبحان خالق النور، إلهي أمرتني أن أكون لليتيم كالأب الرحيم وللأرملة كالزوج الرحيم فنسيت عهدك، سبحان خالق النور، إلهي الويل لداود إذا كشف عنه الغطاء فيقال: هذا داود الخاطىء، سبحان خالق النور، إلهي بأي عينين أنظر بهما إليك يوم القيامة، وإنما ينظر الظالمون من طرف خفي، إلهي بأي قدم أقوم بها أمامك يوم تزول أقدام الخاطئين، سبحان خالق النور، إلهي ويل للخاطئين يوم القيامة من سوء الحساب، سبحان خالق النور، إلهي مضت النجوم وكنت أعرفها بأسمائها، فتركتني والخطيئة لازمة بي، سبحان خالق النور، إلهي من أين تطلب المغفرة إلا من عند سيده، سبحان خالق النور، إلهي مطرت السماء ولم تمطر حولي، سبحان خالق النور، إلهي أعشبت الأرض ولم تعشب حولي بخطيئتي، سبحان خالق النور، إلهي أنا الذي لا أطيق حر شمسك فكيف أطيق حر نارك، سبحان خالق النور، إلهي أنا الذي لا أطيق صوت رعدك فكيف أطيق صوت جهنم، سبحان خالق النور، إلهي كيف يستتر الخاطئون بخطاياهم دونك وأنت شاهدهم حيث كانوا، سبحان خالق النور، إلهي قرح الجبين وجمدت العينان من مخافة الحريق على جسدي، سبحان خالق النور، إلهي الطير تسبح لك بأصوات ضعاف تخافك وأنا العبد الخاطىء الذي لم ارع وصيتك، سبحان خالق النور، إلهي الويل لداود من الذنب العظيم الذي أصاب، سبحان خالق النور، إلهي أنت المغيث وأنا المستغيث فمن يدعوا المستغيث إلا المغيث، سبحان خالق النور، إلهي قد تعلم سري وعلانيتي فاقبل عذري، سبحان خالق النور.
اللهم إني أسألك إله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب، أن تعطيني سؤلي فإن إليك رغبتي، سبحان خالق النور، اللهم برحمتك اغفر لي ذنوبي ولاتباعدني من رحمتك لهواني، سبحان خالق النور، اللهم إني أعوذ بك من دعوة لا تستجاب وصلاة لا تتقبل وذنب لا يغفر وعذر لا يقبل، سبحان خالق النور، إلهي أعوذ بنور وجهك الكريم من ذنوبي التي أوبقتني، سبحان خالق النور، فررت إليك بذنوبي وأعترف بخطيئتي، فلا تجعلني من القانطين ولا تخزني يوم الدين، سبحان خالق النور، إلهي قرح الجبين وجمدت الدموع وتناثر الدود من ركبتي وخطئيتي الزم بي من جلدي، سبحان خالق النور.
قال: فأتاه نداء: يا داود أجائع أنت فتطعم، أظمآن أنت فتسقى، أمظلوم أنت فتنصر؟
ولم يجبه في ذكر خطيئته بشيء، فصاح صيحة هاج ما حوله ثم نادى: يا رب الذنب الذنب الذي أصبته.
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»