تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٨ - الصفحة ١٨٨
وإنما جمع وهما اثنان، لأن معنى الجمع ضم شيء إلى شيء فالإثنان فما فوقهما جماعة، كقوله عز وجل " * (قد صغت قلوبكما) *)) .
* (إذ دخلوا على داوود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنآ إلى سوآء الصراط * إن هذآ أخى له تسع وتسعون نعجة ولى نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزنى فى الخطاب * قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطآء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داوود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب * فغفرنا له ذالك وإن له عندنا لزلفى وحسن مئاب * ياداوود إنا جعلناك خليفة فى الارض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب * وما خلقنا السمآء والارض وما بينهما باطلا ذالك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار * أم نجعل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين فى الارض أم نجعل المتقين كالفجار) *) 2 " * (إذ دخلوا على داوود) *) قال الفراء: قد كرر إذ مرتين، ويكون معناهما كالواحد، كقولك: ضربتك إذ دخلت علي إذ اجترأت، فالدخول هو الاجتراء، ويجوز أن يجعل أحديهما على مذهب لما.
" * (ففزع منهم) *) حين هما عليه محرابه بغير إذنه.
" * (قالوا لا تخف) *) يا داود " * (خصمان) *) أي نحن خصمان " * (بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط) *) ولا تجز، عن ابن عباس والضحاك.
وقال السدي: لاتسرف. المؤرخ: لاتفرط.
وقرأ أبو رجاء العطاردي: ولا تشطط بفتح التاء وضم الطاء الأولى، والشطط والأشطاط مجاوزة الحد، وأصل الكلمة من حدهم شطت الدار، وأشطت إذا بعدت.
" * (واهدنا إلى سواء الصراط) *) أي وسط الطريق، فإن قيل: كيف قال: إن هذا أخي فأوجب الأخوة بين الملائكة ولامناسبة بينهم، لأنهم لاينسلون.
في الجواب: أن معنى الآية: نحن لخصمين كما يقال وجهه: القمر حسنا، أي كالقمر.
قال أحد الخصمين " * (إن هذا أخي) *) على التمثيل لا على التحقيق، على معنى كونهما على طريقة واحدة وجنس واحد، كقوله سبحانه: " * (إنما المؤمنون أخوة) *) وقد قيل: إن المتسورين كانا أخوين من بني إسرائيل لأب وأم، وإن أحدهما كان ملكا والآخر لم يكن ملكا، فنبها داود على ما فعل
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»