وقال الحسن: معناها المجلود لا ينكح إلا مجلودة.
" * (والذين يرمون المحصنات) *) أي يشتمون المسلمات الحرائر العفائف فيقذفونهن بالزنى " * (ثم لم يأتوا) *) على ما رموهن به " * (بأربعة شهداء) *) عدول يشهدون عليهن أنهم رأوهن يفعلن ذلك " * (فاجلدوهم) *) يعني القاذفين اضربوا كل واحد منهم " * (ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون) *).
ثم استثنى فقال عز من قائل " * (إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم) *) واختلف العلماء في حكم هذا الاستثناء فقال قوم: هو استثناء من قوله " * (ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا) *) وقالوا: إذا تاب القاذف قبلت شهادته وزال عنه اسم الفسق وعادت ولايته حد فيه أو لم يحد، وهذا قول الشعبي ومسروق وسليمان بن يسار وسعيد بن جبير وعطاء وطاووس ومجاهد وسعيد بن المسيب وعبد الله بن عتبة والضحاك، وهو قول أهل الحجاز وإليه ذهب الشافعي. واختلفوا في كيفية توبته، فقال بعضهم: هو ان يرجع عن قوله ويكذب نفسه، وقال آخرون: هي الندم على ما سلف والاستغفار منه وترك العود فيما بقي، فإذا أقيم عليه الحدأو عفا المقذوف عنه سقط الحد، وذلك أن القذف حق للمقذوف كالقصاص والجنايات وبالعفو تسقط فإذا عفا عنه فلم يطالبه بالحد، أو مات المقذوف قبل مطالبته بالحد، أو لم يرفع إلى السلطان فلم يحد لأجل هذه، أو حد ثم تاب وأصلح العمل قبلت شهادته وعادت ولايته، يدل عليه ما روى ابن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ضرب الذين شهدوا على المغيرة بن شعبة وهم أبو بكرة و شبل بن معبد ونافع بن الحرث بن كلدة فحدهم ثم قال لهم: من أكذب نفسه أجزت شهادته فيما استقبل، ومن لم يفعل لم أجز شهادته، فأكذب شبل نفسه ونافع وتابا، وأبى أبو بكرة أن يفعل فكان لا تقبل شهادته.
وروى ابن جريج عن عمران بن موسى قال: شهدت عمر بن عبد العزيز أجاز شهادة القاذف ومعه رجل.
وقال آخرون: هذا الاستثناء راجع إلى قوله " * (وأولئك هم الفاسقون) *) فأما قوله " * (ولا تقبلوا لهم شهادة) *) فقد وصل بالأبد ولا يجوز قبولها أبدا، وهذا قول النخعي وشريح ورواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه.
روى الأشعث عن الشعبي قال: جاء خصمان إلى شريح فجاء أحدهما بشاهد قد قطع زناد يده ورجله في قطع الطريق ثم تاب وأصلح، فأجاز شريح شهادته فقال المشهود عليه: أتجيز شهادته علي وهو أقطع؟ فقال شريح: كل صاحب حد إذا أقيم عليه ثم تاب وأصلح فشهادته جائزة إلا القاذف، فإنه قضاء من الله أن لا تقبل شهادته أبدا وإنما توبته فيما بينه وبين الله